الثلاثاء، 29 مارس 2022

بيع الغاز الروسي .... بالروبل استراتيجية مواجهة العقوبات

بيع الغاز الروسي .... بالروبل استراتيجية مواجهة العقوبات

        قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا لن تبيع الغاز "للدول غير صديقة"، إلا بالروبل بما في ذلك جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي، نتيجة لفرض عقوبات اقتصادية على بلاده جراء حربها على أوكرانيا. لقد أدت العقوبات التي استهدفت البنك المركزي الروسي إلى تجميد أصول بمئات المليارات من الدولارات، وأدت الإجراءات على الفور إلى انخفاض قيمة الروبل حيث اندفع الروس بشكل محموم نحو تحويل الروبلات التي يملكونها إلى عملة أكثر استقرارًا مثل الدولار واليورو. واتخذ البنك المركزي عدة خطوات لدعم العملة، بما في ذلك مضاعفة أسعار الفائدة إلى 20 % وسيلة لإغراء الناس بالاحتفاظ بالروبلات في البنك. وذكر الرئيس بوتن أن هذا الاجراء جاء ضمن مجموعة من الإجراءات لجعل مدفوعات امدادات الغاز بالروبل الروسي، ووجه بتنفيذ هذا الاجراء خلال أسبوع. وأدى ذلك الى ارتفاع أسعار الغاز الأوروبية بسبب المخاوف من أن تؤدي الخطوة الروسية إلى تفاقم أزمة الطاقة في المنطقة.

ومعلوم أن الدول التي اسماها بغير الصديقة دفعت في عام 2021م ما يقرب من 69 مليار دولار مقابل الغاز الوارد اليها من شركة (Gasprom) الروسية التي تملكها الحكومة الروسية، ويشير الخبراء الى أنها استراتيجية للضغط على الدول الغربية ولتخفيف أثار العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الدول الغربية على روسيا، وسوف تدفع هذه الدول حوالى 6-7 تريليون روبل لشراء الغاز الروسي؛ ويبدوا أن لموسكو خطط موضوعة لكيفية سداد مدفوعات الغاز بالروبل، خاصة وأن وسوف تكون أكثر من استراتيجية لتخفيف آثار العقوبات، حيث أنها من جانب أخر وضع أسس واطر للتخلص من هيمنة الدولار على العالم وتحدى هيمنة العملات الغربية الأخرى مثل اليورو والمارك والإسترليني. علما بأنه ووفقًا لشركة (Gasprom)، تمت تسوية 58٪ من مبيعاتها من الغاز الطبيعي إلى أوروبا ودول أخرى اعتبارًا من 27 يناير باليورو. وشكل الدولار الأمريكي حوالي 39٪ فقط من إجمالي المبيعات والجنيه الإسترليني حوالي 3٪. 

        واتخذ الرئيس بوتن هذه الخطوة التي لم تتوقعها الدول الغربية وهو يعلم تماما أن هذه "الدول المعادية" التي تشتري الطاقة الروسية ليس لديها خيار سوى مواصلة شراء الغاز الروسي. ولكن كيف سيتعين عليها سداد المدفوعات بالروبل، سيتعين على مشتري الغاز هؤلاء شراء العملة، إما من البنك المركزي الروسي الذي يمكن أن يوفر سيولة إضافية لأسواق الصرف الأجنبي التي من شأنها أن تمكن العملاء والبنوك الأوروبية من الحصول على الروبلات المطلوبة، أو من سوق الصرف الأجنبي، أو من خلال قبول قيمة صادراتها الى روسيا بالروبل علما بإن العقوبات الاقتصادية على روسيا تجعل مثل هذه المعاملات المالية غير قانونية. من جانب إذا تحققت خطط بيع الغاز بالروبل سوف يزيد الطلب على الروبل بشكل مطرد مما يؤدى الى استقرار سعره ويتوقف انخفاض الروبل، وظهر ذلك جليا إثر اعلان الرئيس بوتن ارتفع الروبل بنسبة 7٪ مقابل الدولار، أيضا لن يضطر البنك المركزي الروسي إلى إنفاق احتياطياته من الدولار واليورو لدعم الروبل وإدارة سعره؛ خاصة وأن أرصدة روسيا قدتم تجميدها بسبب العقوبات، وتمثل هذه الارصدة أكثر من نصف الاحتياطيات الأجنبية لروسيا؛ وربما تمتلك روسيا مستقبلا قدرات الولايات المتحدة في طباعة الدولارات المعروفة بـ "تسييل الدين" (Monetizing the debt) من خلال تزويد البنوك الكترونيا بالدولارات، وهذا الوضع والقدرات أطلق عليه الرئيس الفرنسي الأسبق "فاليري جيسكار ديستان" عندما كان  وزيرا لمالية فرنسا سطوة الدولار الأمريكي أو "الامتياز باهظ الثمن" في معرض انتقاده لوضع الولايات المتحدة الذي تمتعت به نتيجة لمكانة الدولار في النظام النقدي العالمي.

        من جانب آخر قد يحدث تعقيد إذا اختار البنك المركزي الروسي عدم قبول العملات الغربية بسبب احتمال تجميد مشترياته الجديدة من الدولارات أو اليورو. وفي هذه الحالي سوف تضطر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد ذلك إلى تداول هذه المدفوعات من خلال عملة وسيطة ثالثة مقبولة لدى موسكو مثل اليوان الصيني.

بعد قرار بوتين بيع الغاز الروسي بالروبل، قالت  الحكومة البولندية "هذا سيشكل خرقًا لقواعد الدفع المدرجة في العقود الحالية، كما صرح وزير الاقتصاد الألماني "روبرت هابيك" لوكالة الأنباء أن ذلك سيكون خرقًا لعقود بيع الغاز، حيث أن عقود الغاز الروسية مع معظم الدول الغربية مقومة اما بالدولار أو اليورو، من جانب آخر قال "تريفور سيكورسكي" مسئول الغاز الطبيعي والفحم والكربون في شركة إنرجي أسبكتس إن تغيير عملة الدفع في العقود سيتطلب إعادة التفاوض ويمكن للمشترين طلب فترات أقصر ولن يكون ذلك في مصلحة روسيا، لكن روسيا تمثل الطرف الأقوى ولن ترضخ لذلك لضغوط مثل هذه، اذا علمنا أن الغاز الروسي يمثل حوالي 40٪ من إجمالي استهلاك أوروبا. من جانب آخر امتنعت عدة شركات، بما في ذلك شركات النفط والغاز الكبرى إيني وشل وبي بي وآر دبليو إي وأونيبر - أكبر مستورد للغاز الروسي في ألمانيا عن التعليق.

وقال "ليام بيتش" الاقتصادي الأوروبي في كابيتال إيكونوميكس: "الإجراءات التي اتخذتها روسيا قد تُفسَّر أيضًا على أنها استفزازية وقد تزيد من احتمالية تشديد الدول الغربية للعقوبات على الطاقة الروسية".

        وقالت المفوضية الأوروبية إنها تخطط لخفض اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الروسي بمقدار الثلثين هذا العام وإنهاء اعتمادها على الإمدادات الروسية " قبل عام 2030 بكثير".

لكن على عكس الولايات المتحدة وبريطانيا، لم تفرض دول الاتحاد الأوروبي عقوبات على قطاع الطاقة الروسي. من جانب آخر لم تعلق المفوضية الأوروبية التي تضم 27 دولة على الاجراء الروسي. وقال "هابيك" إنه سيناقش مع شركاء أوروبيين ردا محتملا على إعلان روسيا. وقال رئيس الوزراء الهولندي "مارك روته" إن هناك حاجة لمزيد من الوقت لتوضيح قرار روسيا. قال مسؤول في البيت الأبيض لرويترز إن الولايات المتحدة تتشاور مع الحلفاء بشأن هذه القضية وأن كل دولة ستتخذ قرارها الخاص. وكانت الولايات المتحدة لقد حظرت واردات الطاقة الروسية لذلك لن يصيبها القرار بضرركما سيصيب حلفاءها. لذلك ربما تمضي الاستراتيجية الروسية كما خطط له أو نشهد تنازلات اوربية وامريكية من خلال إيقاف الحرب بالضغط على الرئيس الاوكراني زيلينسكي لقبول شروط روسيا.

tد. عمر محجوب محمد الحسين

هل تنهي حرب اوكرانيا هيمنة الدولار الأمريكي 


الاثنين، 28 فبراير 2022

الجمعة، 24 ديسمبر 2021

قول العجب في بيع السلم

قول العجب في بيع السلم 

جاء في صحيفة الانتباهة الالكترونية بتاريخ 24 فبراير 2021م، وعلى لسان الخبير الاقتصادى الدكتور منصور يوسف العجب الآتي نصه (في تقديري أن نظام (السَلَمْ) والذي حذر منه الرسول صلي الله عليه وسلم هو أسوا من نظام (الشيل) – وللأسف حكومة الثوره مازالت تعتمد على هذا النوع من التمويل للإقطاعات الإنتاجية خاصة الزراعة)، اولاً: اسمى بيع السلم نظاماً، ثانياً: قال أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من بيع السلم، بالاضافة الى وصفه بالأسوأ أي السلم مقارنة بنظام الشيل الذى لا تحكمه قواعد فقهية وانما عرف سائد المجال في الزراعي قبل وجود البنوك وهو عقد شبيه بعقد السلم لكنه دون ضوابط فقهية كما ذكرنا.

         قبل دحض ما ذكره د.منصور من كلام غريب، لابد لنا أن نلقى الضوء على السلم وما هيته؛ بيع السلم عرفته العصور السابقة قبل الجاهليين ونظمه الاسلام، واصله السلف على اعتباره اعم من السلم؛ وحكم السلم الجواز وفيه رخصة مستثناه من بيع ما ليس عند البائع، ودليل جوازه الكتاب والسنه والاجماع، عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَقَال: "مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ"، رواه الجماعة[i]).

السَّلَم لغةً: هو السلف وزنًا ومعنًى، قال الأزهري: كلُّ ما قدَّمْتَه من ثمنِ سلعةٍ مضمونةٍ، اشتريتَها بصفةٍ، فهو سلفٌ ([ii])، وقال السمرقندي: السَّلَم لغةً: عقدٌ يثبت به الملك في الثمن عاجلًا، وفي المثمن آجلًا.

يسمَّى: سَلَمًا، إسلامًا، سلفًا، وإسلافًا ([iii]).

وسُمِّي سلَمًا لتسليم رأس المال في المجلس، وسلفًا لتقديمه، وهما لغتان، ﻓ: «السَّلَم» لغة أهل الحجاز، و«السلف» لغة أهل العراق ([iv]).

السَّلَم اصطلاحًا: هو عقدٌ على موصوفٍ في الذمَّة ببدلٍ يعطى عاجلًا، أو أنه تسليم عوضٍ حاضرٍ في عوضٍ موصوفٍ في الذمَّة إلى أجلٍ، أو هو عقدٌ على موصوفٍ بذمَّةٍ مؤجَّلٍ بثمنٍ مقبوضٍ بمجلس العقد ([v]).

- قوله: «السنةَ والسنتين»: منصوبٌ على نزع الخافض: أي إلى السنة والسنتين، أو منصوبٌ على المصدر.

- قوله: «مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ»: بالمثنَّاة الفوقية، هكذا في أكثر الأصول، وفي بعضها «ثَمَرٍ» بالمثلَّثة وهي بها أعمُّ ([vi]).

- قوله: «وَوَزْنٍ مَعْلِومٍ»: فالواو بمعنى «أو»، والمقصود اعتبار الكيل فيما يُكال والوزن فيما يُوزن، لأنَّ حمل الواو على ظاهرها، بمعنى الاشتراك والجمع، يلزم منه أن يجمع في الشيء الواحد من المُسلَم فيه كيلًا ووزنًا، الأمر الذي يمنع من صحَّة السَّلَم، وقيل: بتقدير الشرط أي: في كيلٍ معلومٍ إن كان كيليًّا، ووزنٍ معلومٍ إن كان وزنيًّا، أو من أسلف في مكيلٍ فلْيُسلف في كيلٍ معلومٍ، ومن أسلف في موزونٍ فلْيُسلف في وزنٍ معلومٍ ([vii]). وقوله: «والناس يُسلفون في الثمار»: جملةٌ حاليةٌ.

         والتعريف الراجح: هو بيع شيء موصوف بالذمة ، بثمن مقبوض ، مؤجل التسليم ، يسدد الثمن في مجلس العقد ، ويسلم الشيء المباع بعد أجل ، لأنه يشمل معاني التعريفات السابقة.

أركان السلم وما يتعلق بها من شروط.

من التعريفات التي سبق أن نقلناها يتضح أن السلم من عقود المعاوضة، وأنه نوع من أنواع البيع، ولذلك تماثلت الأركان، واشترط له ما يشترط في البيع بالاضافة الي الشروط الخاصة به؛ وللسلم أركان ثالثة ([viii]):

·      العاقدان: وهما رب السلم والمسلم إليه.

·      الصيغة: وهي ما ينعقد به هذا العقد من الألفاظ الدالة عليه.

·      المعقود عليه: ويشمل رأس مال السلم، والمسلم فيه. فالأول هو الثمن والثاني هو المبيع.

والسلم قسم من اقسام البيوع الا ان شروطه زائده، واجمالا الغرض منها ان يكون البدلان في السلم (رأس المال ويسمى ثمناً) والمسلم فيه ويسمى (مبيعاً او مثمناً) محدودين منعاً للجهالة بأي وجه فينشأ نزاع بين المتعاقدين. وهو يصح فيما يمكن ضبطه مثل ما يباع بالكيل او الوزن او العد او بالذراع او نحو ذلك؛ لكن يصح بشروط تذكر في العقد مثل بيان جنس المسلم فيه وجنس راس المال كأن يقول اسلمت اليك جنيها بزيت او خبز او نحو ذلك.  وشروط عقد السلم سبعة ([ix]):

الأول: انضباط صفاته بمكيل وموزون ومذروع وأما المعدود المختلف كالفواكه والبقول والجلود والرؤوس والأواني المختلفة الرؤوس والأوساط، كالقماقم والأسطال الضيقة الرؤوس، والجواهر والحامل من الحيوان، وكل مغشوش- وما يجمع أخلاطا غير متميزة كالغالية والمعاجين فلا يصح السلم فيه، ويصح في الحيوان والثياب المنسوجة من نوعين، وما خلطه غير مقصود كالجبن وخل التمر والسكنجبين ونحوها

الثاني: ذكر الجنس والنوع وكل وصف يختلف به الثمن ظاهرا وحداثته وقدمه  -ولا يصح شرط الأردأ والأجود بل جيد ورديء، فإن جاء بما شرط أو أجود منه من نوعه ولو قبل محله ولا ضرر في قبضه لزمه أخذه

الثالث: ذكر قدره بكيل أو وزن أو ذرع يعلم، وإن أسلم في المكيل وزنا، أو في الموزون كيلا لم يصح.

الرابع: ذكر أجل معلوم له وقع في الثمن فلا يصح حالا، ولا إلى الحصاد والجذاذ، ولا إلى يوم إلا في شيء يأخذه منه كل يوم كخبز ولحم ونحوهما.

الخامس: أن يوجد غالبا في محله ومكان الوفاء لا وقت العقد، فإن تعذر أو بعضه فله الصبر أو فسخ الكل أو البعض، ويأخذ الثمن الموجود أو عوضه.

السادس: أن يقبض الثمن تاما معلوما قدره ووصفه قبل التفرق، وإن قبض البعض ثم افترقا بطل فيما عداه وإن أسلم في جنس إلى أجلين، أو عكسه صح إن بين كل جنس وثمنه وقسط كل أجل

السابع: أن يسلم في الذمة فلا يصح في عين ويجب الوفاء موضع العقد، ويصح شرطه في غيره وإن عقد ببر أو بحر شرطاه ولا يصح بيع المسلم فيه قبل قبضه، ولا هبته ولا الحوالة به ولا عليه ولا أخذ عوضه، ولا يصح الرهن والكفيل به

نأتى الآن لنظام (الشيل) كما ذكرنا هو نظام وعقد متعارف عليه يدفع فيه التاجر ثمن ما يتفق على شرائه مقدما من المزارع المحتاج للسلف لاكمال زراعة ارضه؛ رغم التشابه في الشكل بين نظام (الشيل) وبيع السلم إلا أنه هناك فروق بينهما يمكن اجمالها في الآتي ([x])

1-   في نظام (الشيل) يكون الموقف التفاوضي للتجار أقوى من المزارع وهذا يجعله يقدم اسعار متدنية تقل عن أسعار السوق السائدة وقت الحصاد، ولايقبل التاجر تعديل شروط التمويل، أما في بيع السلم العقد موصوفٍ في الذمَّة ببدلٍ يعطى عاجلًا، أو أنه تسليم عوضٍ حاضرٍ في عوضٍ موصوفٍ في الذمَّة إلى أجلٍ، أو هو عقدٌ على موصوفٍ بذمَّةٍ مؤجَّلٍ بثمنٍ مقبوضٍ بمجلس العقد.

2-   في نظام (الشيل) قد لا يوفر التاجر للمزارع التمويل الكافى، كما انه قد لا يعطيه التمويل نقدا بل عيناً في صورة سلع ربما لا يكون المزارع في حاجة لها؛ اما السلم فهو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد، قوله: عقد على موصوف احترازاً من المعين، فلا يصح السلم في المعين؛ لأنه لا حاجة إلى الإسلام فيه، ما دام حاضراً يباع بيعاً بدون أن يكون سلماً. مثال ذلك: رجل عنده مائة صاع برٍّ في أكياس، فقال له آخر: أسلمت إليك مائة ريال بهذا البر، فهذا لا يصح؛ لأنه ليس على موصوف، فهذا على معين، إذاً لا يصح، حتى وإن كانا قد اتفقا على أن البائع لا يسلم هذا البر إلا بعد سنة فإنه لا يصح ولا يكون سلماً.

3-   في نظام (الشيل) اذا عجز المزارع عن سداد التزاماته تجاه التاجر ربما يؤجل له الدين بغبن، أو ربما بشروط جديدة فيها زيادة الكمية المتفق عليها. أما في السلم يسرى قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: فليسلف في شيء معلوم إلى أجل معلوم.

خاتمة:

         اتَّفق العلماء على جواز السَّلَم المؤجَّل إلى أجلٍ معلومٍ، ولم أجد خلاف غير الخلاف في السَّلَم الحالِّ على مذهبين:

المذهب الأول:

ذهب أبو حنيفة ومالكٌ وأحمد والأوزاعي والظاهرية إلى إشتراط تأجيل المُسْلَم فيه، بمعنى عدم صحَّة السَّلَم الحالِّ ([xi]).

المذهب الثاني:

ذهب الشافعي ([xii])، وبعض المالكية ([xiii]) إلى صحَّة السَّلَم الحالِّ، وعدم اشتراط تأجيل المُسْلَم فيه، وبه قال أبو ثورٍ وابن المنذر.

         اذا ما ذكره دكتور منصور يوسف العجب في جريدة الانتباهة الالكترونية بتاريخ 24 فبراير 2021م من أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حذر من بيع السلم، قول لا يسنده دليل أو منطق ولم يأتى به احدا من قبله حسب علمي؛ ولا ادري مقصده من ذلك واجدر به بيان ما ذكره



[i] أخرجه البخاري (٤/ ٤٢٨)، ومسلم (١١/ ٤١)، وأبو داود (٣/ ٧٤١-٧٤٢)، والترمذي (٦/ ٤٨)، والنسائي (٧/ ٢٩٠)، وابن ماجه (٢/ ٧٦)، والدارقطني (٣/ ٣-٤)، والبيهقي (٦/ ١٨)، وأحمد (١/ ٢١٧، ٢٢٢، ٢٨٢، ٣٥٨).

[ii] لسان العرب لابن منظور (٢/ ١٨٥-١٩٣).

[iii] تحفة الفقهاء للسمرقندي (٢/ ٥).

[iv] صحيح مسلم بشرح النووي» (١١/ ٤١)، «نيل الأوطار» للشوكاني (٦/ ٣٨٩)، «سبل السلام» للصنعاني (٢/ ٤٠).

[v] المغني لابن قدامة (٤/ ٣٠٤)، «غاية المنتهى» (٢/ ٧١)، «صحيح مسلم بشرح النووي» (١١/ ٤١)، اختلف الفقهاء في تعريف السَّلَم شرعًا، ومبنى اختلافهم نظرة بعضهم إلى ماهية العقد فقط عند التعريف أو النظر إلى الماهية والشروط الخاصَّة به من جهةٍ، ومن جهةٍ ثانيةٍ عدمُ اتِّفاقهم في الشروط الخاصَّة بالعقد.

[vi] شرح مسلم» للنووي (١١/ ٤٢)، «سبل السلام» للصنعاني (٢/ ٤٩).

[vii] شرح مسلم للنووي (١١/ ٤٢)، «إحكام الأحكام» لابن دقيق العيد (٣/ ١٥٧)، «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ٤٢٩)، «حاشية السندي» (٧/ ٢٩٠-٢٩١).

[viii] عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه، (القاهرة: دار القلام، بدون تاريخ)، ص 119؛ عبد الكريم زيدان، الوجيز في أصول الفقه، (بيروت: مكتبة القدس، ط2، 1986 م)، ص 4.

[ix] ابن عثيمين، كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع، https://al-maktaba.org/book/33939/3585#p3

[x] حسن يوسف داود، المصرف الاسلامي للاستثمار الزراعي-نموذج مقترح، (القاهرة: دار النشر للجامعات، ط1، 2005م)، ص 221-222

[xi] المنتقى للباجي (٤/ ٢٩٧-٢٩٨)، «تفسير القرطبي» (٣/ ٣٨٠).

[xii] الأمَّ للشافعي (٣/ ٩٦-٩٧)، «المهذَّب» للشيرازي (١/ ٣٠٧)، «نهاية المحتاج» للرملي (٤/ ١٩٠).

[xiii] تفسير القرطبي (٣/ ٣٨٠).

 

omarmahjoub@gmail.com  

 

أثر خفض قيمة الجنيه على النمو الاقتصادي

د. عمر محجوب محمد الحسين https://sudanile.com/%D8%A3%D8%AB%D8%B1-%D8%AE%D9%81%D8%B6-%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%8A%...