أثرالافصاح عن القيمة العادلة على التقاريرالمالية
تعتبر التقارير المالية ذات اهمية بالغة لدى مستخدميها
حيث أنها مؤشر مهم لعملية اتخاذ القرارات المالية، لذلك ونظراً لأهميتها وضعت معايير
دولية لإعداد التقارير المالية تكون بمثابة مرشد عام للمحاسبة الدولية التي من
مهامها اعداد المعلومات المالية عن المنشآت المالية. وتنبع أهميه القوائم المالية
من أنها تعتبر حلقه وصل بين الشركة الأطراف ذات العلاقة، والاطراف الخارجية واداة
لتوصيل المعلومات إليها، حيث تستطيع هذه الاطراف التعرف على مختلف جوانب نشاط المنشأة
ونتيجة أعمالها من خلال هذه القوائم، فقائمه المركز المالي تعكس صورة الوضع المالي
للشركة كما تعكس قائمة الدخل نتيجة أعمال
الشركة خلال فتره زمنيه محددة إن كانت ربحاً أو خسارة، ويمكن التعرف على التغير في
المركز المالي من خلال دراسة قائمة مصادر الأموال واستخداماتها.
وتُعد القوائم المالية مصدراً أساسياً ومهماً للمعلومات ذات
الخصائص النوعية التي تمكن المستفيدين من اتخاذ القرارات السليمة؛ وتُعرف القوائم
المالية المنشورة "بأنها مجموعه من البيانات المالية الأساسية التي تصدرها
الشركات المساهمة مرتبة في جداول، تعد وفق مواصفات معينه وذلك بموجب مجموعه من
المفاهيم، والمبادئ المحاسبية، وعلى أساس منطقي وبصوره منسقه". والتقارير
المالية تعتمد اعتماداً كلياً على مستوى الافصاح فيها وقواعده؛ ونذكر هنا أن
التقارير المالية لا تتضمن فقط القوائم المالية ولكنها تشمل جميع الوسائل التي
يستقاد منها في توصيل المعلومات التي يكون النظام المحاسبي بشكل اساسي هو مصدرها [1].
تشكل المعلومات المالية بالنسبة للمستثمرين أهمية كبيرة
خاصة تلك التي تتعلق بصورة مباشرة بالمنشأة كالمعلومات المتعلقة بمقدار التدفقات
النقدية المتوقعة وتوليدها، وأسعار الاسهم والسندات ومستثمرو أسواق الاسهم يسعون الى
معرفة القيمة العادلة للأسهم والسندات؛ أيضا تلك المعلومات المتعلقة بالقيمة
العادلة لحقوق الملكية، والمشتقات المعقدة المصممة خصيصاً للمنشأة. والمعلومات
المالية ذات اهمية باعتبارها المكون الرئيس للتقارير المالية، وهى كافة المعلومات
المستخدمة في اتخاذ قرارات الاستثمار والاقراض ؛ وهي ايضا معلومات يجب تقديمها
وفقاً للمبادئ المحاسبية المقبولة قبولاً عاماً ومتطلبات المعايير المحاسبية التي
تصدرها الجهات المهنية؛ ومعلومات يتم الافصاح عنها اختيارياً، ايضا هناك معلومات
تقدم حسب الطلب، ومعلومات بالقوائم المالية، ومعلومات في شكل ملاحظات بالقوائم
المحاسبية. وحالياً اصبحت المعلومات ليس مجرد اداء لالتزام فرضته المعايير
المحاسبية والقوانين حيث اصبحت المعلومات للمؤسسات الناجحة والمتميزة مقياساً
للأداء الحالي والمستقبلي، وبالتالي هي اثبات للتميز في الاداء وانعكاس له [2]. تقاس
جودة المعلومات المحاسبية بمقدار الاستفادة منها وبمقدار توفر الخصائص النوعية
اللازمة. وينبغي أن نفرق بين البيانات المحاسبية التي هي عبارة عن حقائق وارقام لم
يتم تحليلها، والمعلومات المحاسبية هي البيانات التي تم معالجتها لتصبح في صورة
اكثر نفعاً واوضح واكثر واقعية للمستخدم بما يحقق له الادراك الكامل عن ماهيتها حالياً
ومستقبلاً.
مفهوم الافصاح وأهميته
يعتبر الإفصاح الكامل جزءاً من الإطار المفاهيمي
للمحاسبة، فقرار الإبلاغ عن معلومات من عدمه يتبع الأهمية النسبية للمعلومات
المطلوب نشرها؛ والتي من شأنها التأثير على حكم وقرار الجهات المستخدمة لهذه
المعلومات.
تأتي أهمية الافصاح من دوره في توفير المعلومات الملاءمة
عن المنشأة التي اعدت هذه القوائم، ليستفيد منها مستخدمي المعلومات المحاسبية
لاتخاذ القرارات المالية والاقتصادية بشأن المنشأة حيث تمنحهم هذه التقارير مؤشرات
ودلالات عن الوضع المالي السابق والحالي والمستقبلي بما يحقق التنبؤ السليم عن
التدفقات المالية للمنشأة ومدى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها [3].
للإفصاح معانٍ كثيرة لكن سوف نتطرق لمعناه وتعريفه
المحاسبي والمالي، ركز بعض الباحثين في تعريف مفهومه على غرضه من حيث ايضاح وكشف
المعلومات المالية، أيضا تطرق كثير من الكتاب والباحثين إلي مفهوم الإفصاح من
ناحية أهميته في اتخاذ القرارات، فعرفوه بأنه نشر المعلومات الضرورية للفئات التي
تحتاجها وذلك لزيادة فعالية العمليات التي يقوم بها السوق المالي، حيث أن الفئات
المختلفة تحتاج للمعلومات لتقييم درجة المخاطرة التي تتعرض لها الشركة للوصول إلى
القرار الذي تستطيع من خلاله تحقيق أهدافه والتي تتناسب مع درجة المخاطرة التي
ترغب بها [4].
وعرف الافصاح "بأنه إظهار القوائم المالية لجميع المعلومات الأساسية
التي تهم الفئات الخارجية عن المشروع بحيث تعينها على اتخاذ القرارات الرشيدة" [5].
وعرف الافصاح بانه "
شمول التقارير المالية على المعلومات اللازمة والضرورة لإعطاء مستخدمي هذه
التقارير صورة واضحة وصحيحة عن الوحدة المحاسبية" [6].
كما عرف من ناحية متطلبات
عرض المعلومات وفقاً للمبادئ المحاسبية المتعارف عليها وجاء فيه "بأن متطلبات
عرض المعلومات في القوائم المالية وفقا لمبادئ المحاسبة المتعارف عليها تقضي بتوفر
عنصر الإفصاح المناسب في هذه القوائم وذلك بشأن جميع الأمور المادية
(الجوهرية)" وعنصر الإفصاح المقصود هنا على صلة وثيقة بشكل ومحتوى القوائم
المالية وبالمصطلحات المستخدمة فيها، أيضا بالملاحظات المرفقة بها، وبمدى ما فيها
من تفاصيل تجعل لتلك القوائم قيمة إعلامية من وجهة نظر مستخدمي هذه القوائم [7].
وهناك الكثير من التعاريف عن الإفصاح وأهميته فمنها ما
يتناول الإفصاح في التقارير المالية من حيث أنه عرض للمعلومات المهمة للمستثمرين
من الدائنين وغيرهم من المستفيدين بطريقة تسمح بالتنبؤ بمقدرة المشروع على تحقيق
أرباح في المستقبل وقدرته على سداد التزاماته وأن كمية المعلومات التي يجب الإفصاح
عنها لا تتوقف على مدى خبرة القارئ ولكن على المعايير المرغوبة للإفصاح (الإفصاح
الكامل – الإفصاح الكافي – الإفصاح المقبول) [8]،
كما أن هناك من يربط بين درجة الإفصاح وتخفيض حالة عدم التأكد لدى المستفيدين من
خلال نشر كل معلومات اقتصادية لها علاقة بالمشروع سواء كانت معلومات كمية أو
معلومات أخرى تساعد المستثمر على اتخاذ قراراته وتخفض من حالة عدم التأكد لديه عن
الأحداث الاقتصادية المستقبلة [9].
من خلال هذه التعاريف يمكن القول بأن الافصاح هو التصريح
بشفافية عن كافة المعلومات ذات الخصائص النوعية والمتعلقة بأعمال المنشاة، السابقة
والحالية والمستقبلية على ضوء المعايير المحاسبية واطر المحاسبة المفاهيمية والانظمة
والقوانين المنظمة لعملية الافصاح. والمحاسبة تعمل كنظام للمعلومات من معالجة
البيانات وتقديمها كمعلومات من خلال التقارير والقوائم المالية وتوصيلها الى
مستخدمو المعلومات الذين يتخذون القرارات المالية المناسبة من خلال تقييم الوحدة
المحاسبية من خلال تلك المعلومات.
وهناك أمر هام جداً وهو أن يشتمل الافصاح حتى على
المعلومات التي لا يؤدي عدم الافصاح عنها تغير جوهري في اتجاهات قرارات مستخدمي
القوائم المالية. وكثير من الأزمات المالية العالمية حدثت نتيجة لعدم كفاية
المعلومات والبيانات المفصح عنها، وهذا ما واضحته نتائج الأزمة المالية العالمية التي
كان أحد اسبابها عدم دقة البيانات المفصح عنها. وكثير من دراسات الأخيرة اولت
اهتماماً لممارسات البنوك وشركات التأمين
فيما يتعلق بالإفصاح خلال الأزمة المالية ومستوى الكشف عن المخاطر ومحدداته. الأزمة
المالية الأخيرة أثارت العديد من الأسئلة فيما يتعلق بممارسات الافصاح من قبل المؤسسات
المالية. ومع ذلك، فإن الأدبيات حول تأثير هذا (التسونامي المالي) على المؤسسات
المالية لا تزال محدودة للغاية لأن بعض الأوراق والدراسات العلمية تركز على دور
محاسبة القيمة العادلة في حدوث الأزمة المالية. على سبيل المثال، حقق Barth & Landsman في العلاقة
بين الأزمات المالية والتقارير المالية الخاصة بالقيمة العادلة وتوريق الأصول
والمشتقات والخسائر الناتجة عن القروض واحتياطات البنوك؛ ووجدوا أن محاسبة القيمة
العادلة لم تلعب دوراً في الأزمة المالية إلا من خلال الاستخدام السيئ لقياسات
القيمة العادلة [10]؛ ويطرح سؤال مهم وهو هل تزيد مستويات الإفصاح أو تنخفض
خلال الأزمات المالية ؟.
في العشرة أعوام الأخيرة؛ أصدر مجلس معايير المحاسبة
المالية الأمريكي كثيراً من المعايير المحاسبية التي تحتوي بجوهرها كثيراً من
الجوانب التي تعلق بالإفصاح، ومن أسباب ازدياد متطلبات الإفصاح الآتي:
1. التعقيد في بيئة الأعمال: حيث أن تلخيص كافة الأحداث
الاقتصادية في إبلاغ أو تقرير ملخص في بيئة مليئة بالتعقيدات ليعتبر عملية صعبة،
خاصة في بعض المجالات؛ مثل المشتقات المالية والتأجير واندماج الأعمال والتقاعد
واتفاقيات التمويل وعمليات الاعتراف بالإيراد وقضايا الضرائب المؤجلة، لذا؛ فكثيرٌ
من الإيضاحات والتفسيرات تستخدم بشكل موسع لتفسير هذه العمليات وتأثيراتها
المستقبلية المتوقعة.
2. الحاجة للمعلومات في الوقت المناسب: فالمستخدم يحتاج
لمعلومات جارية وفعالة ولها قيمة تنبؤية دائماً، فعلى سبيل المثال؛ يحتاج المستخدم
إلى إبلاغ مالي مرحلي مكتمل، ونشرات مالية تحليلية ودورية وتنبؤية.
3. استخدام المحاسبة كوسيلة رقابة وإشراف: حيث تتطلب الجهات
الحكومية الإبلاغ والإفصاح عن معلومات لها تأثيرات مستقبلية؛ مثل مكافآت الإدارة
واتفاقيات التمويل خارج الميزانية والعمليات مع الأطراف المرتبطة بالمنشأة.
و يرى كثيرٌ من الباحثين بأن توفير الإفصاح في القوائم
المالية يستوجب إعادة النظر في كثير من المفاهيم والأعراف التي تحكم إعداد
القوائم، والخطوة الأولى التي يرونها في ذلك تتمثل في إعادة ترتيب الأهمية النسبية
للخواص أو المعايير المتعارف عليها للإفصاح عن المعلومات المحاسبية؛ باعتبار أن
خاصية الملاءمة هي المعيار الرئيسي الذي يجب أن يتمحور حولها معيار الإفصاح المناسب
مما يجعل من الضروري حسب رأي (, 1992 Bedford) إجراء نوع
من المقايضة بين خاصية الملاءمة من جهة والخصائص الأخرى للمعلومات والتي تمثل
قيداً على ملاءمتها كالموضوعية والقابلية للتحقق والأهمية النسبية من جهة أخرى.