مزايا وعيوب استخدام مبدأ القيمة العادلة
1-
مزايا منهج القيمة العادلة
للقيمة العادلة مزايا عديدة رغم الانتقادات التي وجهت اليها ابان الازمة
المالية العالمية التي بدأت بالولايات المتحدة الامريكية في 2007م وتسارعت خطاها
في 2008م ومن هذه المزايا:
أ- القيمة ذات
مفهوم واضح " فهي القيمة التي يمكن الحصول عليها نتيجة لعملية تجارية
من خلال بيع أو تسوية دين "؛ بالرغم من أن بنود القيمة العادلة هي فقط
تلك الاصول المحتفظ بها للمتاجرة، أو تلك المتاحة للبيع، أو تلك البنود التي
اختارت المنشأة تقييمها بالقيمة العادلة.
ب-
القيمة العادلة اكثر شفافية بطبيعتها بالنسبة لعملية الابلاغ
المالي(الافصاح الشامل) حيث تستند الى الأسعار المدرجة في الاسواق النشطة، بمعنى
أنها تتطلب افتراضات أقل من تلك الافتراضات الخاصة بالتكلفة التاريخية، على سبيل
المثال هي شفافة لأن تقديرها يتم بصورة علنية ومباشرة في الاسواق النشطة.
ت-
لدى القيمة
العادلة ميزة كونها مفهوم غنى بالمعلومات، نظرا لأن قيمتها المستندة الى السوق
تمثل حصيلة آراء المشاركين في السوق، وليس فقط من أحد المشاركين في السوق بينما
التكلفة التاريخية قيمتها محددة من جهة واحدة.
ث-
يحتج معارضو القيمة العادلة بأنها تخضع لتلاعب الادارة لإظهار النتائج التي
ترغب فيها في الممارسة العملية؛ لكن البديل للقيمة العادلة هي التكلفة التاريخية
التي ايضا يمكن تخضع لتلاعب الادارة وبصورة اكبر وخصوصا في الاستثمارات التي تقيد
بالتكلفة التاريخية التي يمكن للإدارة أن
تبيعها في فترة معينة، حيث يتم تأجيل
الاعتراف بالتغير في قيم الاصول والخصوم؛ وهي بالتالي اكثر عرضة في تطبيقها
للتلاعب.
ج- التطور الهائل في عقود
المشتقات وفي ظل نظام قائم على التكلفة يجعلها خارج الميزانية بسبب تكلفتها
الضئيلة أو المعدومة، على الرغم من أنها قد تفقد قيمتها أو تزيد قيمتها بسبب
تقلبات أسعار الفوائد وأسعار الصرف والسلع. لذلك كانت القيمة العادلة هي الطريقة
الوحيدة لظهور هذه المشتقات والكشف عنها في الميزانية.
ح- مشاكل الأوراق المالية
المختلطة أو المهجنة والتي تحمل مزايا
نوعين من الأوراق المالية في وقت واحد؛ والخاصة بتحديد الحدود بين الفئات ومشاكل
السماح بإعادة التصنيف من عدمه. هذا النوع من المحافظ المالية يهتم بزيادة رأس
المال مع الحصول على نتائج جيدة مقارنة بالسوق، وهذا يعني تحمل درجة معينة من
المخاطر. ومشاكل هذا النوع يمكن تجنبها باتباع اساس واحد في القياس لهذه الاصول
والخصوم، ومن المنطقي والواقعي ان نقول إن القيمة العادلة هي اساس القياس الموثوق
به.
خ- القيمة العادلة ليس لها علاقة
مع ظروف الاقتصاد الاستثنائية، فهي أساس قياس يعتمد علي نشاط السوق.
د- توفر القيمة العادلة
معلومات أكثر موثوقية وشفافية، حيث ان السوق النشط يحدد القيمة العادلة.
ذ- يؤدى استخدام القيمة العادلة الي زيادة نسب الرفع المالي والمقدرة على
الوفاء بعبء الديون في أوقات الرخاء، وهذا يؤدي الى زيادة فاعلية الاسواق، حيث أن
هذه النسب من النسب المهمة بالنسبة للمقرضين والمستثمرين بالإضافة طبعا للإدارة،
حيث أن هذه النسب تظهر مدى مساهمة الديون (سواء ممثلة في الالتزامات القصيرة الأجل
أو الطويلة الأجل) في تمويل أصول المنشأة مقارنة بمساهمة الملاك، فعن طريق نسب
الرفع المالي نستطيع معرفة نسبة حقوق المساهمين وكذلك نسبة القروض أو الديون
الخارجية.
ر- تطبيق محاسبة القيمة العادلة يؤدي الى تخفيف حدة الازمات المالية، وذلك لأن
استخدامها يعتمد على مؤشرات السوق حسبما افادت به عدة دراسات.
ز- قيمة الشركة ومركزها
المالي لا ينحصر في صافي اصولها الملموسة، فسمعة الشركة لها قيمة كبيرة وفي كثير
من الاحيان تكون كبيرة جدا، فيمكن لهذه القيمة أن تظهر ضمن اصولها غير الملموسة
عموما، وخاصة شهرة المحل، وهذا الإجراء ينعكس على القوائم المالية بشفافية.
س- يسمح التقييم بالقيمة العادلة للمنشآت بمعرفة
مدى كفاءتها في إدارة أصولها وتسييرها، ويمكن للشركة من تدارك خطر تآكل رأس المال
بما يحقق مبدأ فرض الاستمرارية.
ش- منهج القيمة العادلة يراعي ويعمل وفقا لمتغيرات
القوة الشرائية لوحدة النقد وهى بذلك مناسبة لتحقيق مفهومي المحافظة على رأس المال
النقدي والمادي الطبيعي.
ص-
القيمة العادلة توفر معلومات وتعطى اشارات انذار مبكر للازمات المالية
الوشيكة وبالتالي يمكن اتخاذ التدابير اللازمة قبل وقوع الازمة، وهي بذلك تقلل من
حدة الازمات المالية.
2-
عيوب استخدام منهج القيمة العادلة
كما أن هناك مزايا للقيمة العادلة أيضا لها عيوب، حيث لا يوجد
طريقة مثالية محددة لقياس القيمة العادلة فتداولات السوق وحركته تنعكس على أسعار
السوق النشط وهذا يؤدي الي وجود تباين في تقديرات البائعين والمشترين للأوراق
المالية حول مقدار التدفقات النقدية المستقبلية لهذه الاوراق والتي تعتبر أحد
الطرق لقياس القيمة العادلة وفي هذه الحالة تكون القيمة العادلة متوافقة مع القيمة
السوقية ولكن في حالة الأسواق المالية غير النشطة فلابد من إدخال النماذج الرياضية
لحساب القيمة العادلة والتي تخضع لطريقة تصميم نموذجها وإلى الأحكام الشخصية مما
يحد من قدرة النموذج على التنبؤ. ومن هذه العيوب ما يلي:
أ- يلقى باللوم على القيمة العادلة في تسببها في الازمة
المالية العالمية رغم اختلاف اراء المحللين الماليين والاقتصاديين في تحديد سبب
نشوء الازمة المالية، ولكن يرى كثير من الكتاب أن المشكلة ليست في القيمة العادلة
ولكن في استخدام القيمة العادلة.
ب-
القيمة العادلة هي قيمة افتراضية يتم تحديدها
طبقا لأسعار السوق، وأسعار السوق تخضع الى كثير من العوامل التي تؤثر عليها مثل
العرض والطلب ومدى توفر المعلومات اللازمة لتحديد الأسعار بشفافية. ويرى الباحث ان اخضاع القيمة العادلة لأسعار السوق اكثر
عدلا ولا يعتبر نقص في كفاءة القيمة العادلة.
ت-
صعوبة تحديد
القيمة العادلة لبعض البنود مثل بنود المشتقات والتي اصبحت في الآونة الاخيرة ذات
حجم كبير جدا من جملة الاستثمارات.
ث-
احيانا قد تتعدد
القيمة العادلة لبند واحد من البنود في السوق الواحد أو الأسوق الاخرى، بسبب ندرة
المعلومات عن السوق أو ان البند قابل لأكثر من تصنيف.
ج-
عدم تحديد القيمة العادلة بدقة يؤدى الى انتشار
عدوى المحاكاة بين الاسواق سواء كان انخفاضا أو هبوطا، وبالتالي تكون القيمة
العادلة قد بعدت عن عدالتها المرجوة.
ح-
تطبيق أساس القيمة العادلة قد
يؤدى الى تضخيم الارباح خصوصا في حالات ارتفاع الأسعار.
خ-
في ظل تقلبات الأسعار والتقييم
بالقيمة العادلة تكون هناك اختلافات كبيرة بين سنة وأخرى مما يؤثر على خاصية
القابلية للمقارنة، وتصبح عملية التحليل المالي للقوائم المالية معقدة.
د-
ان القيمة العادلة وزيادة وخفض
قيمة الاصول تسمح بزيادة الرافعة المالية للبنوك في اوقات الازدهار المالي، وهذا
يجعل النظام المالي هشا واكثر ضعفا وعرضة للازمات المالية، بينما القيمة التاريخية
تخلق احتياطيات خفية يمكن الاستفادة منها والاعتماد عليها في اوقات الأزمات.
ذ-
إن القيمة
العادلة غير مسيلة (Illiquid
Value)، حيث أنها تتعلق بمنتجات التوريق المالي (Securitization) الذي يسعى فيه المستورق
للحصول على النقود (السيولة) لا المتاجرة بالسلعة، أو الانتفاع بها، لان حاجته إلى
النقود لا تسد إلا بذلك، وبموجب التوريق يتم تحويل قروض مصرفية إلى أوراق مالية
قابلة للتداول، وحسب رأى كثير من الكتاب تؤدي عملية التوريق إلى العديد من المخاطر
على النحو التالي:
1- يتم تحويل رهون الديون إلى أوراق مالية قابلة للتداول،
وهذا ما حدث في الأزمة المالية الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة الرهون
العقارية الأقل جودة (subprime)، حيث كان
المواطن الأمريكي يشتري عقاره بالدين من البنك مقابل رهن هذا العقار، حين يرتفع
ثمن العقار المرهون يحاول صاحب العقار ونتيجة لسهولة الحصول على قرض فإن صاحب
الرهن يسعى للحصول على قرض جديد، وذلك مقابل رهن جديد من الدرجة الثانية، لذلك
تسمى الرهون الأقل جودة، لأنها رهونات من الدرجة الثانية، أي أنها أكثر خطورة في
حال انخفاض ثمن العقار، وتوسعت البنوك في هذا النوع من القروض الأقل جودة مما رفع
درجة المخاطرة في تحصيل تلك القروض.
2- أن الأوراق المالية التي تحدد أسعارها بناء على المستوى
الثاني قد حدث انخفاض كبير في قيمتها نتيجة للانخفاض الحاد في أسعار الأرقام
القياسية؛ حتي أن الانخفاض لم يبرر بسبب اقتصادي هام.
أ- لن تعكس
القيم العادلة الأسعار الحقيقية التي كانت سائدة في الأسواق المالية بسبب عدم
توازن العرض والطلب.
ب- عدم وجود
علاقة بين القيمة العادلة التي يتم تحديدها في الأسواق المالية وإمكانية تولد
تدفقات نقدية في المستقبل مساوية للقيمة العادلة أو قريبة من البند الذي تم تحديد
قيمته خاصة في أزمات تبخر السيولة وفقدانها.
ر- في كثير من
الأحيان يقوم مفهوم القيمة العادلة علي مفهوم التدوير الصوري (procyclicality) أو التقلبات الدورية (countercyclical) وهو مصطلح يستخدم لوصف كيف ترتبط الكميات الاقتصادية بالتقلبات
الاقتصادية وتضمن هذا المفهوم المخاطر التالية:
1- فشل مفهوم دلالة الأسعار السوقية على البنود
لأنها عكست أفضل مركز مالي في قمة الدورة الاقتصادية، وأسوأ مركز مالي في أدنى
الدورة الاقتصادية، ويرجع السبب في ذلك إلى الأسواق المالية غير الكفؤة حتى في
الظروف الاقتصادية العادية.
3- اضطرار البنوك إلى تكوين
احتياطيات ضخمة في أوقات الرخاء وتحقيق الأرباح واضطرارها إلى استخدامها في أوقات
الشدة، ويحدث ذلك ليس عن طريق النظم والقواعد المحاسبية بل يحدث ذلك عن طريق تعديل
الأنظمة واللوائح.
ز- عدم قدرة كثير من الشركات والمؤسسات المالية العالم
الثالث من تحمل تكاليف ونفقات تطبيق مبدأ القيمة العادلة؛ فغالبية هذه الشركات
والمؤسسات صغيرة أو متوسطة الحجم وتحمل اية تكاليف
اضافية سوف يؤدى الى اخراجها من دائرة المنافسة محليا وعالميا.
المراجع:
1. Richard
Aitken-Davies, Fair Value: AN ACCA Policy paper, The Association of
Chartered Certified Accountants, February
2009.P.P.3-4. www.accaglobal.com/economy
2. خالد الجعارات
ومحمود الطبرى، مرجع سابق، ص 242
3. Christian
Laux and Christian Leuz, Did Fair-Value Accounting Contribute to the Financial
Crisis?, Center for Financial Studies. CFS Working Paper No. 2009/22,October
2009.P.8
4. خالد الجعارات
ومحمود الطبرى، مرجع سابق ص 242
5.
الجمعية السعودية للمحاسبة، المعلومات
المحاسبية ودورها في أسواق الأسهم،( جامعة الملك سعود، 2005م)، ص23.
6.
Laux
and Leuz, Did Fair-Value Accounting Contribute to the Financial Crisis?, Op.cit.,p.p.24-31
7. حازم الخطيب وظاهر
القشي، مرجع سابق ص25
8. فريد زعرات، معالجة
القوائم المالية من آثار التضخم وفقا للمعايير المحاسبية الدولية، رسالة
ماجستير غير منشورة، (جامعة سعد دحلب بالبليدة: الجزائر 2009)، ص 135
9. محمد مطر،
مبادئ المحاسبة المالية
الدورة المحاسبية ومشاكل
الاعتراف والقياس والإفصاح،
(عمان: دار وائل
للنشر، ط4،2007 )،ص.
361
10. Christian
Laux. Christian Leuz. The Crisis of Fair Value Accounting: Making Sense of the Recent Debate, The University of Chicago,
Booth School of Business, Working Paper No. 33(2009).p.9.
11. DAVID
PROCHÁZKA, THE ROLE OF FAIR VALUE MEASUREMENT IN THE RECENT FINANCIAL CRUNCH, PRAGUE ECONOMIC
PAPERS, 1, 2011.p.75
12. رشيد بوكساني، نسيمة أوكيل، حمزة العرابي، مبدأ التكلفة
التاريخية بين الانتقاد
والتأييد في ظل
توجه المعايير المحاسبية
الدولية نحو القيمة
السوقية العادلة، الملتقى العلمي الدولي
الأول حول النظام
المحاسبي و المالي
الجديد في ظل
المعايير المحاسبية الدولية، المركز
الجامعي بالوادي،
الجزائر، 17 – 18 يناير 2010م،
ص 7
13. المرجع السابق نفسه.
14. Laux. &
Leuz, Did Fair-Value Accounting Contribute to the Financial Crisis?, Op.
cit.,p.9
15. خالد الجعارات، محمود
الطبرى، مرجع سابق،
ص 252
16. Christian Laux and Christian Leuz, The Crisis of Fair Value Accounting: Making Sense of the Recent Debate .Op. cit.,p.p.3-5
17.
حازم الخطيب
وظاهر القشي، توجه معايير المحاسبة نحو القيم العادلة والدخل الاقتصادي وأثر ذلك
على الاقتصاد، مجلة جامعة الزيتونة الاردنية، عمان، م2 ،ع2 ،2004م، ص