وتتنبأ الأساليب المنهجية
المختلفة بتأثيرات إجمالية متفاوتة لزيادة الحد الأدنى للأجور. ومع ذلك، تشير
الحسابات بشكل موحد إلى أن الزيادات في الأجور تؤدي إلى تحفيز الاقتصاد الكلي،
وخاصة زيادات الأجور المنخفضة، وهذه النظرة تتجاوز نمو الأجور من وجهة نظر
الاقتصاد الجزئي لنمو الأجور باعتبارها تكلفة لها عواقب سلبية على موازنة الدولة. والنظرة
الأولى تنظر بدلا من ذلك إلى ديناميكيات الاقتصاد الكلي الإيجابية حيث تشكل الأجور
مصدراً رئيسيا للطلب الكلي، لكن زيادة الحد الأدنى للأجور بشكل مفرط له نتائج عكسية وربما
يحدث خلل أكبر على الاقتصاد. ومن الممكن أن يعمل نمو الأجور على توليد نمو الطلب
ونمو الإنتاجية (لابد أن نشير الى ضرورة التفرقة بين نمو الإنتاجية في القطاع
العام والقطاع الخاص، وأشير الى ان زيادة الأجور في القطاع ربما لا يكون لها ألأثر
على الإنتاجية)، وبالتال يخلق حلقة حميدة. وقد ساهم نمو الأجور غير الكافي، وعلى
نطاق أوسع، في استقطاب حاد في توزيع الدخل، في الأزمة الاقتصادية العالمية. من
جانب آخر يذكر أن المفوضية الأوروبية معدل نمو تكاليف وحدة العمل الاسمية بين
مؤشراتها الـ (11) لبطاقة الأداء والتي تقيس الاختلالات في الاقتصاد الكلي والتي يمكن
أن تؤدي في النهاية إلى فرض عقوبات على أعضاء منطقة اليورو.
كان لـ(Marc Lavoie and
Engelbert Stockhammer) في كتابهما الذي جاء بعنوان (Wage-led Growth An
equitable strategy for economic recovery) نتائج تجريبية مثيرة للدهشة (في دول مجموعة
العشرين) توصلا إليها، وهي أن زيادة حصة الأجور في دولة ما بمقدار نقطة مئوية
واحدة لها تأثير إيجابي على الطلب المحلي (ومقصود الطلب المحلي نشاط الاستهلاك
والاستثمار). على سبيل المثال، تؤدي زيادة حصة الأجور بمقدار نقطة مئوية واحدة
داخل منطقة اليورو إلى زيادة قدر ها 0.14 نقطة مئوية في الطلب المحلي. ويصبح هذا
التأثير الإيجابي على الناتج المحلي الإجمالي أصغر عندما نأخذ في الاعتبار التأثيرات
على الطلب الخارجي (الصادرات ناقص الواردات).
إن تأثير زيادة الحد
الأدنى للأجور تختلف في تأثيرها بحسب مستويات النشاط الاقتصادي ووضع الاقتصاد،
والسياسة النقدية والمالية، فزيادة الأجور في القطاع الخاص تؤدى الى زيادة
الإنتاجية. أيضا من المهم أن تتم دراسة مستوى الأجور قبل الزيادة ومن ثم أثر
الزيادة على الأجور، من جانب آخر هناك مطلوبات أخرى غير زيادة الحد الأدنى من
الأجور، مثلا سيؤدي الحد من عدم المساواة إلى نمو أعلى وأكثر استدامة، وأشارت
دراسات وأبحاث الى أن عدم المساواة يؤدي إلى إبطاء النمو، مع التركيز بشكل خاص على
عدم المساواة الاقتصادية التي تنبع من التمييز على أساس الجنس. إن تقليص فجوة
التفاوت في الدخل والعمل على إزالة فجوة الثروة (وهو تفاوت آخر يحبط النمو
الإجمالي) يتطلب سياسات مستهدفة لبناء الأمن الاقتصادي. ويشكل رفع الحد الأدنى
للأجور إحدى أدوات مكافحة عدم المساواة، وبالتالي تحفيز النمو.
من ناحية أخرى نجد أن من بين عيوب زيادة الحد
الأدنى للأجور عواقب محتملة لزيادة الأسعار لدى الشركات، وبالتالي زيادة التضخم.
أيضا رفع الحد الأدنى للأجور من المرجح أن يؤدي إلى زيادة الأجور والرواتب في جميع
المجالات، وبالتالي زيادة كبيرة في نفقات التشغيل للشركات التي سوف تلجأ بعد ذلك
إلى زيادة أسعار المنتجات والخدمات لتغطية تكاليف العمالة المتزايدة، أيضا اشارت
دراسة الى ان زيادة الاجور في القطاع العام بنسبة 10% سوق تؤدي الى زيادة في اجور
قطاع سوق العمل بحوالي 8% الى 11%؛ ايضا تمت دراسة آثار العمالة والأجور في القطاع
العام على سوق العمل بشكل عام، خاصة على أجور القطاع الخاص. تظهر الأدلة العملية
أن نمو أجور القطاع العام والعمالة في القطاع العام يؤثر بشكل إيجابي على نمو أجور
القطاع الخاص. واتضح ان إجمالي عوامل الإنتاجية، ومعدل البطالة، وساعات العمل لكل
عامل، والتضخم، هي أيضًا محددات مهمة لنمو أجور القطاع الخاص. فيما يتعلق بنمو
أجور القطاع العام وجد أنه بالإضافة إلى بعض المتغيرات المرتبطة بالسوق، فإنه
يتأثر أيضًا بالظروف المالية والنقدية وتعني زيادة الأسعار زيادة عامة في تكاليف
المعيشة، الأمر الذي يجعل أي الزيادة في الأجر بشكل أساسي ليست ميزة يكتسبها صاحب
الأجر.
وهناك
مشكلة أخرى متوقعة ناجمة عن زيادة الحد الأدنى للأجور وهي خسارة بعض العمال وظائفهم،
فكثير من الاقتصاديين ومديري الأعمال يشيرون إلى أن تكلفة الأجور هي التكلفة
الرئيسة لممارسة الأعمال التجارية، لذلك فإن الشركات سوف تضطر إلى خفض الوظائف
للحفاظ على أرباحها وبالتالي وضعها التنافسي في السوق.
إن تأثير زيادة
الحد الأدنى للأجور على الاقتصاد مسألة معقدة. ويرى المؤيدون أن زيادة الحد الأدنى
للأجور يمكن أن يحفز الإنفاق الاستهلاكي ويعزز الاقتصاد بصورة عامة من خلال وضع
المزيد من الأموال في أيدي العمال ذوي الأجور المنخفضة. ومن ناحية أخرى، يحذر
المنتقدون من أن ارتفاع تكاليف العمالة قد يؤدي إلى خفض الوظائف وبالتالي زيادة
العطالة، والأتمتة، وزيادة أسعار السلع والخدمات بصورة تضخمية، وفي مجال الحالة
التضخمية التى تحدثها زيادة الاجور وجد أنه اذا تم تقييد زيادة الأجور بنسبة 1 %
سنويًا، سوف يرتفع مؤشر تضخم أسعار
المستهلك بمعدل أسرع، على سبيل المثال أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني البريطاني Office for National Statistics (ONS) للفترة بين يناير 2010 وأبريل 2017م أن متوسط الأجور الاسمية (أو المالية)
للموظفين الحكوميين قد ارتفع بنسبة 10.9% ، بينما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة
17.2%. يمكننا معرفة التأثير على أجورهم الحقيقية
باستخدام صيغة بسيطة: % التغير في الأجور الحقيقية = % التغير في الأجور الاسمية -
معدل التضخم. باستخدام الأرقام المذكورة أعلاه، يجب أن
تجد أن هناك انخفاضًا بنسبة 6.3% في الأجر الحقيقي لهؤلاء العاملين في الشرطة
والخدمة الصحية وعدم نسيان المعلمين. كما عانى موظفو القطاع الخاص من انخفاض الأجور
الحقيقية، ولكن بنسبة أقل من 2.5%.
نقطة
أخيرة مهمة وهي أن يعد رفع الحد الأدنى للأجور يكون أحيانا هدف سياسي للعديد من الحكومات
خاصة في ظل تناقص قيمة العملة، واتجاهات الرأي العام نحو انتقاد الوضع المعيشي
خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية.