الاثنين، 28 فبراير 2022
The Impact of Islamic Methodology of Sustainability and Circular Economy أثر منهج الاسلام في الاستدامة والاقتصاد الدائري
الجمعة، 24 ديسمبر 2021
قول العجب في بيع السلم
جاء في صحيفة الانتباهة الالكترونية بتاريخ 24 فبراير 2021م، وعلى لسان الخبير الاقتصادى الدكتور منصور يوسف العجب الآتي نصه (في تقديري أن نظام (السَلَمْ) والذي حذر منه الرسول صلي الله عليه وسلم هو أسوا من نظام (الشيل) – وللأسف حكومة الثوره مازالت تعتمد على هذا النوع من التمويل للإقطاعات الإنتاجية خاصة الزراعة)، اولاً: اسمى بيع السلم نظاماً، ثانياً: قال أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذر من بيع السلم، بالاضافة الى وصفه بالأسوأ أي السلم مقارنة بنظام الشيل الذى لا تحكمه قواعد فقهية وانما عرف سائد المجال في الزراعي قبل وجود البنوك وهو عقد شبيه بعقد السلم لكنه دون ضوابط فقهية كما ذكرنا.
قبل دحض ما ذكره د.منصور من كلام غريب،
لابد لنا أن نلقى الضوء على السلم وما هيته؛ بيع السلم عرفته العصور
السابقة قبل الجاهليين ونظمه الاسلام، واصله السلف على اعتباره اعم من السلم؛ وحكم
السلم الجواز وفيه رخصة مستثناه من بيع ما ليس عند البائع، ودليل جوازه الكتاب
والسنه والاجماع، عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ
السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَقَال: "مَنْ أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ فَلْيُسْلِفْ
فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ"، رواه
الجماعة) [i]).
السَّلَم لغةً: هو
السلف وزنًا ومعنًى، قال الأزهري: كلُّ ما قدَّمْتَه من ثمنِ سلعةٍ مضمونةٍ،
اشتريتَها بصفةٍ، فهو سلفٌ ([ii])، وقال السمرقندي: السَّلَم
لغةً: عقدٌ يثبت به الملك في الثمن عاجلًا، وفي المثمن آجلًا.
يسمَّى: سَلَمًا،
إسلامًا، سلفًا، وإسلافًا ([iii]).
وسُمِّي سلَمًا لتسليم
رأس المال في المجلس، وسلفًا لتقديمه، وهما لغتان، ﻓ: «السَّلَم» لغة أهل
الحجاز، و«السلف» لغة أهل العراق ([iv]).
السَّلَم اصطلاحًا: هو
عقدٌ على موصوفٍ في الذمَّة ببدلٍ يعطى عاجلًا، أو أنه تسليم عوضٍ حاضرٍ في عوضٍ
موصوفٍ في الذمَّة إلى أجلٍ، أو هو عقدٌ على موصوفٍ بذمَّةٍ مؤجَّلٍ بثمنٍ مقبوضٍ
بمجلس العقد ([v]).
- قوله: «السنةَ والسنتين»:
منصوبٌ على نزع الخافض: أي إلى السنة والسنتين، أو منصوبٌ على المصدر.
- قوله: «مَنْ
أَسْلَفَ فِي تَمْرٍ»: بالمثنَّاة الفوقية، هكذا في أكثر الأصول، وفي بعضها «ثَمَرٍ» بالمثلَّثة
وهي بها أعمُّ ([vi]).
- قوله: «وَوَزْنٍ
مَعْلِومٍ»: فالواو بمعنى «أو»، والمقصود اعتبار الكيل فيما يُكال والوزن فيما
يُوزن، لأنَّ حمل الواو على ظاهرها، بمعنى الاشتراك والجمع، يلزم منه أن يجمع في
الشيء الواحد من المُسلَم فيه كيلًا ووزنًا، الأمر الذي يمنع من صحَّة السَّلَم،
وقيل: بتقدير الشرط أي: في كيلٍ معلومٍ إن كان كيليًّا، ووزنٍ معلومٍ إن كان
وزنيًّا، أو من أسلف في مكيلٍ فلْيُسلف في كيلٍ معلومٍ، ومن أسلف في موزونٍ
فلْيُسلف في وزنٍ معلومٍ ([vii]). وقوله:
«والناس يُسلفون في الثمار»: جملةٌ حاليةٌ.
والتعريف
الراجح: هو بيع شيء موصوف بالذمة ، بثمن مقبوض ، مؤجل التسليم ، يسدد الثمن في
مجلس العقد ، ويسلم الشيء المباع بعد أجل ، لأنه يشمل معاني التعريفات السابقة.
أركان السلم وما يتعلق
بها من شروط.
من التعريفات التي سبق أن
نقلناها يتضح أن السلم من عقود المعاوضة، وأنه نوع من أنواع البيع، ولذلك تماثلت الأركان،
واشترط له ما يشترط في البيع بالاضافة الي الشروط الخاصة به؛ وللسلم أركان ثالثة ([viii]):
·
العاقدان: وهما رب السلم والمسلم
إليه.
·
الصيغة: وهي ما ينعقد به
هذا العقد من الألفاظ الدالة عليه.
·
المعقود عليه: ويشمل رأس
مال السلم، والمسلم فيه. فالأول هو الثمن والثاني هو المبيع.
والسلم قسم من اقسام
البيوع الا ان شروطه زائده، واجمالا الغرض منها ان يكون البدلان في السلم (رأس
المال ويسمى ثمناً) والمسلم فيه ويسمى (مبيعاً او مثمناً) محدودين منعاً للجهالة
بأي وجه فينشأ نزاع بين المتعاقدين. وهو يصح فيما يمكن ضبطه مثل ما يباع بالكيل او
الوزن او العد او بالذراع او نحو ذلك؛ لكن يصح بشروط تذكر في العقد مثل بيان جنس
المسلم فيه وجنس راس المال كأن يقول اسلمت اليك جنيها بزيت او خبز او نحو ذلك. وشروط عقد السلم سبعة ([ix]):
الأول: انضباط صفاته بمكيل وموزون ومذروع وأما المعدود المختلف
كالفواكه والبقول والجلود والرؤوس والأواني المختلفة الرؤوس والأوساط، كالقماقم
والأسطال الضيقة الرؤوس، والجواهر والحامل من الحيوان، وكل مغشوش- وما يجمع أخلاطا غير متميزة كالغالية والمعاجين فلا يصح
السلم فيه، ويصح في الحيوان والثياب المنسوجة من نوعين، وما خلطه غير مقصود كالجبن
وخل التمر والسكنجبين ونحوها
الثاني: ذكر الجنس والنوع وكل وصف يختلف به الثمن ظاهرا وحداثته وقدمه -ولا يصح شرط الأردأ والأجود بل جيد ورديء، فإن جاء بما شرط
أو أجود منه من نوعه ولو قبل محله ولا ضرر في قبضه لزمه أخذه
الثالث: ذكر قدره بكيل أو وزن أو ذرع يعلم، وإن أسلم في المكيل وزنا،
أو في الموزون كيلا لم يصح.
الرابع: ذكر أجل معلوم له وقع في الثمن فلا يصح حالا، ولا إلى الحصاد
والجذاذ، ولا إلى يوم إلا في شيء يأخذه منه كل يوم كخبز ولحم ونحوهما.
الخامس: أن يوجد غالبا في محله ومكان الوفاء لا وقت العقد، فإن تعذر
أو بعضه فله الصبر أو فسخ الكل أو البعض، ويأخذ الثمن الموجود أو عوضه.
السادس: أن يقبض الثمن تاما معلوما قدره ووصفه قبل التفرق، وإن قبض
البعض ثم افترقا بطل فيما عداه وإن أسلم في جنس إلى أجلين، أو عكسه صح إن بين كل
جنس وثمنه وقسط كل أجل
السابع: أن يسلم في الذمة فلا يصح في عين ويجب الوفاء موضع العقد،
ويصح شرطه في غيره وإن عقد ببر أو بحر شرطاه ولا يصح بيع المسلم فيه قبل قبضه، ولا
هبته ولا الحوالة به ولا عليه ولا أخذ عوضه، ولا يصح الرهن والكفيل به
نأتى الآن لنظام (الشيل)
كما ذكرنا هو نظام وعقد متعارف عليه يدفع فيه التاجر ثمن ما يتفق على شرائه مقدما
من المزارع المحتاج للسلف لاكمال زراعة ارضه؛ رغم التشابه في الشكل بين نظام
(الشيل) وبيع السلم إلا أنه هناك فروق بينهما يمكن اجمالها في الآتي ([x]):
1-
في نظام (الشيل) يكون
الموقف التفاوضي للتجار أقوى من المزارع وهذا يجعله يقدم اسعار متدنية تقل عن
أسعار السوق السائدة وقت الحصاد، ولايقبل التاجر تعديل شروط التمويل، أما في بيع
السلم العقد موصوفٍ في الذمَّة ببدلٍ يعطى عاجلًا، أو أنه تسليم عوضٍ حاضرٍ في
عوضٍ موصوفٍ في الذمَّة إلى أجلٍ، أو هو عقدٌ على موصوفٍ بذمَّةٍ مؤجَّلٍ بثمنٍ
مقبوضٍ بمجلس العقد.
2- في نظام
(الشيل) قد لا يوفر التاجر للمزارع التمويل الكافى، كما انه قد لا يعطيه التمويل
نقدا بل عيناً في صورة سلع ربما لا يكون المزارع في حاجة لها؛ اما السلم فهو عقد
على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد، قوله: عقد على موصوف احترازاً من المعين، فلا يصح السلم في
المعين؛ لأنه لا حاجة إلى الإسلام فيه، ما دام حاضراً يباع بيعاً بدون أن يكون
سلماً. مثال ذلك: رجل عنده مائة صاع برٍّ في
أكياس، فقال له آخر: أسلمت إليك مائة ريال بهذا البر، فهذا
لا يصح؛ لأنه ليس على موصوف، فهذا على معين، إذاً لا يصح، حتى وإن كانا قد اتفقا
على أن البائع لا يسلم هذا البر إلا بعد سنة فإنه لا يصح ولا يكون سلماً.
3- في نظام
(الشيل) اذا عجز المزارع عن سداد التزاماته تجاه التاجر ربما يؤجل له الدين بغبن،
أو ربما بشروط جديدة فيها زيادة الكمية المتفق عليها. أما في السلم يسرى قول
الرسول صلّى الله عليه وسلّم:
فليسلف في شيء معلوم إلى
أجل معلوم.
خاتمة:
اتَّفق العلماء على جواز السَّلَم
المؤجَّل إلى أجلٍ معلومٍ، ولم أجد خلاف غير الخلاف في السَّلَم الحالِّ على
مذهبين:
المذهب
الأول:
ذهب أبو حنيفة ومالكٌ وأحمد والأوزاعي والظاهرية إلى إشتراط
تأجيل المُسْلَم فيه، بمعنى عدم صحَّة السَّلَم الحالِّ ([xi]).
المذهب الثاني:
ذهب الشافعي ([xii])، وبعض المالكية ([xiii]) إلى صحَّة السَّلَم
الحالِّ، وعدم اشتراط تأجيل المُسْلَم فيه، وبه قال أبو ثورٍ وابن المنذر.
اذا ما ذكره دكتور
منصور يوسف العجب في جريدة الانتباهة الالكترونية بتاريخ 24 فبراير 2021م من أن
الرسول صلى الله عليه وسلم قد حذر من بيع السلم، قول لا يسنده دليل أو منطق ولم
يأتى به احدا من قبله حسب علمي؛ ولا ادري مقصده من ذلك واجدر به بيان ما ذكره
[i] أخرجه البخاري (٤/ ٤٢٨)، ومسلم (١١/ ٤١)، وأبو داود
(٣/ ٧٤١-٧٤٢)، والترمذي (٦/ ٤٨)، والنسائي (٧/ ٢٩٠)، وابن ماجه (٢/ ٧٦)، والدارقطني (٣/ ٣-٤)، والبيهقي (٦/ ١٨)، وأحمد (١/
٢١٧، ٢٢٢، ٢٨٢، ٣٥٨).
[iv] صحيح مسلم بشرح النووي»
(١١/ ٤١)، «نيل الأوطار» للشوكاني (٦/ ٣٨٩)، «سبل السلام» للصنعاني (٢/ ٤٠).
[v] المغني لابن قدامة (٤/
٣٠٤)، «غاية المنتهى» (٢/ ٧١)، «صحيح مسلم بشرح النووي» (١١/ ٤١)، اختلف الفقهاء
في تعريف السَّلَم شرعًا، ومبنى اختلافهم نظرة بعضهم إلى ماهية العقد فقط عند
التعريف أو النظر إلى الماهية والشروط الخاصَّة به من جهةٍ، ومن جهةٍ ثانيةٍ عدمُ
اتِّفاقهم في الشروط الخاصَّة بالعقد.
[vii] شرح مسلم للنووي (١١/ ٤٢)، «إحكام الأحكام» لابن دقيق العيد (٣/
١٥٧)، «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ٤٢٩)، «حاشية السندي» (٧/ ٢٩٠-٢٩١).
[viii] عبد الوهاب خلاف، علم أصول الفقه، (القاهرة: دار القلام، بدون
تاريخ)، ص 119؛ عبد الكريم زيدان، الوجيز في أصول الفقه، (بيروت: مكتبة القدس، ط2،
1986 م)، ص 4.
[ix] ابن عثيمين، كتاب الشرح الممتع على زاد المستقنع، https://al-maktaba.org/book/33939/3585#p3
الأحد، 6 ديسمبر 2020
العالم يتجه نحو هاوية الركود
العالم يتجه نحو هاوية الركود
د. عمر محجوب محمد الحسين
رغم أن المستثمرين الذين يعتمدون على تداول العملات
يظهرون سيناريو متفائلا، حيث يتوقعون ركودأ حاداً
لكنه قصير الأجل، مما يفسح المجال لانتعاش قوي لبقية هذا العام؛ وهذا ما قاله
خبراء الاقتصاد في "مورجان ستانلي" ايضاً بأنه ركود اقتصادي حاد
لكنه قصير المدى؛ حيث توقعوا انكماش الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 8.6 % خلال
الربع الثاني على أن ينمو 3 % في الربع الأول من 2021م، واستشهد هؤلاء الاقتصاديون
بتوقعات امكانية توفر اللقاح على نطاق واسع بحلول صيف عام 2021م، بالاضافة الى الدعم
الذى التزمت به الحكومات للاقتصاد، الحكومة الفرنسية اعلنت عن مساعدات بحوالى 50
مليار دولار لدعم الشركات والموظفين، والمانيا أعلنت عن حزمة من القروض للشركات
للحفاظ على اعمالها من خلال خطة لتأمين المساعدات الاقتصادية والاجتماعية والصحية بحوالى
614 مليار دولار، من جانب آخر ذكرت "واشنطن بوست" أن إدارة ترامب ستطلب نحو
850 مليار دولار لحماية الاقتصاد الامريكي من تبعات فيروس (COVID-19)
الاقتصادية. لكن بمنطق الاشياء نقول أن الاقتصاد العالمي في
حالة جمود قد يكون مؤقتاً لكنه شامل، لربما يعود الاقتصاد لحاله بمجرد احتواء
الفيروس، لكن من الذى لديه علم بتاريخ انتهاء الجائحة واحتواء الفيروس ؟ باختصار
لا احد.
من جانب آخر من شبه
المؤكد أن العالم وقع فعلياً في هاوية ركود مدمر أحدثته جائحة فيروس (COVID-19)،
في وجود مخاوف متزايدة من أن الانكماش يمكن أن يكون أكثر حدة ويدوم طويلًا عكس ما
كان يُخشى في بداية الامر؛ حيث أنه من المحتمل أن يستمر في العام المقبل، وربما
العام الذى يليه، بسبب توقف الأعمال التجارية كلياً نتيجة للقيود الحكومية المشددة
التى عمت معظم دول العالم لوقف انتشار الوباء، وتقييد حركة المستهلك الذى المؤثر الاكبر
في النمو الاقتصادي؛ وأغلب الاقتصادات القوية يكون تأثير المستهلك فيها هو الأكبر
في حركة نموها الاقتصادي وبالتالي الناتج الاجمالي، ويبلغ الإنفاق الاستهلاكي ما
يقرب من ثلثي النشاط الاقتصادي في جميع أنحاء العالم. ايضاً نتيجة لهذا الاغلاق لن
تعود الأعمال التجارية الى سابق عهدها، وما كان يسير بشكل طبيعي من قبل قد لا يكون
حاله كذلك بعد الآن؛ قد يكون الناس أقل ميلاً للتواجد في المطاعم المزدحمة والمجمعات
التجارية، والميل نحو السفر، حتى أن المستهلك سوف يعيد ترتيبات اولويات انفاقه
خاصة الذين تضرروا بصورة مباشرة بالأزمة ،حتى بعد احتواء الفيروس والغاء القيود الحكومية
ورفع الاغلاق التام. وهذه المؤشرات مجتمعة سوف تحدث هزة اقتصادية عميقة ومستمرة في
كل منطقة من مناطق العالم في وقت واحد، لذلك سوف يستغرق تعافي الاقتصاد وحركة
الناس سنوات، من جانب آخر نجد أن الخسائر التي لحقت بالشركات خلال الفترة لم تكن
الازمة وحدها هي عامل ضررها، فالعديد من هذه الشركات كان يعانى من مشاكل، وبعضها
كان مثقلاً بالديون وربما متعثراً في سدادها وهذا سوف يجعل من الأزمة أزمة مالية
ذات أبعاد كارثية على الاقتصاد العالمي.
عكست أسواق الأسهم الإنذار الاقتصادي الاشد
خطورة حيث انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 للمؤشرات المالية في الولايات المتحدة
بأكثر من 4 % في ابريل الماضي، صحيح أنه ارتفع يوم الثلاثاء الماضي بنحو 2 % في
التعاملات المبكرة، لكن انخفض مؤشر CBOE لتقلب
الأسعار (VIX) بأكثر من 4 %. لذلك يستعد المستثمرون لظروف أسوأ في المستقبل نتيجة لحركة الاسواق المالية المضطربة التى كان
ابراز عنوان لها انخفاض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 12.5 % في أسوأ انخفاض له منذ أكتوبر 2008م؛ وانخاض
اسعار البترول لمستويات قياسية في ظل أزمة جائحة فيروس (COVID-19)،
والتى كانت بمثابة صب الزيت في النار، بالاضافة الى الحرب التجارية بين الصين
والولايات المتحدة الامريكية.
يقول (Kenneth S. Rogoff) الاقتصادي
في جامعة هارفارد والمؤلف المشارك لكتاب تاريخ الأزمات المالية "أشعر أن
الأزمة المالية لعام 2008م كانت مجرد بروفة للذى يحدث حالياً" ، لكن
"هذه المرة الامر مختلف حيث سبقته ثمانية قرون من الحماقات المالية".
ويضيف "إن هذا بالفعل بدأ يتشكل باعتبارها ازمة هى الأعمق في الاقتصاد
العالمي لأكثر من 100 عام".، وقال "كل شيء يعتمد على مدة استمراره، ولكن
إذا استمر هذا لفترة طويلة، فمن المؤكد أنها ستكون أم جميع الأزمات المالية".
من جانب آخر قال (Charles Dumas)،
كبير الاقتصاديين في شركة أبحاث الاستثمار في لندن (TS Lombar)،
"لقد أصيب الناس بصدمة حقيقية، سيكون التعافي منها بطيئًا، وستتغير أنماط
سلوكية معينة، إن لم يكن إلى الأبد لكن على الأقل لفترة طويلة من الزمن ".
من شبه المؤكد أن الولايات المتحدة
أكبر اقتصاد في العالم في حالة ركود، وكذلك أوروبا؛ لذا ربما تكون هناك اقتصادات
مهمة مثل كندا واليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة والبرازيل والأرجنتين والمكسيك.
من المتوقع أن تنمو الصين ، ثاني أكبر اقتصاد في العالم ، بنسبة 2 % فقط هذا العام
وفقًا لشركة الأبحاث (TS Lombar).
أما في أغلب البلدان النامية فيبدو أن الوضع اكثر سوءً، خاصة
تلك البلدان التي شهدت هروباً استثماريًا للخارج في هذا العام ، مما أدى إلى
انخفاض قيمة عملات تلك البلدان، اضطر الناس الي دفع المزيد مقابل المواد الغذائية
والوقود والسلع المستوردة، وهدد الاعسار الحكومات؛ وياتى ذلك كله ف كل هذا بينما
يهدد الوباء نفسه تغلب على النظم الطبية غير الكافية.
وبالنظر الى عيوب النمط الاقتصادي الحالي القاتلة في خضم
أزمة كورونا فهى لا تظهر في ضعف وسائل الحماية الطبية فقط، لكن ايضا في نقص الغذاء؛
لذلك حذرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لغرب آسيا (ESCWA) من
أن تداعيات كورونا قد تلقي بأكثر من 8 ملايين شخص إضافي من سكان المنطقة
العربية في براثن الفقر والجوع بسبب تقليص تجارة الأغذية وقلة المخزون منها.
وتذهب التقديرات إلى أن أكثر من 100 مليون في المنطقة العربية يعانون من الفقر
حاليا.
وذكرت مجلة
"فورين بوليسي" الأميركية أن البروفبسور (Laura D'Andrea Tyson)،
الأستاذة بكلية هاس للأعمال بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، ترجح أنّ "العديد
من الوظائف التى سوف تفقد لن تعود مطلقاً"،
وتقصد الوظائف التى لا تتطلب مهارات عالية أو تخصص، وفي الولايات المتحدة يقدم
ملايين الأشخاص الآن طلبات للحصول على إعانات البطالة. ويقول السيد (Dumas)
"إن خسائر الدخل في جهات العمل كبيرة جدا"، واضاف "أن خسارة قيمة
الثروة هي أيضا عالية جدا". ويقول (Hicks) في كتابه
الدخل؛ أن الدخل هو " أقصى ما يمكن للفرد أن ينفقه خلال فترة من الزمن اذا
كانت هناك توقعات مرتقبه بالحفاظ على رأس المال سليما "، بمعنى آخر أن الدخل
هو ذلك القدر الذي يمكن للفرد أن ينفقه كحد أقصى خلال فترة معينة وبحيث ينتهي في
آخر الفترة بنفس القدر من رأس المال الذي كان عليه في أول الفترة. والتغير في رأس
المال عند (Hicks) يرجع الى التغير في حجم الاستثمارات سواء بالزيادة أو النقص خلال
فترة مالية، للتغير في سعر الفائدة، والتغير في التوقعات بشأن الفترات المستقبلية،
وهذه الازمة ضربت التدفقات النقدية والانفاق، وجعلت التوقعات المستقبلية مضطربة
بسبب الغموض الذى يكتنف فيروس (COVID-19).
من شبه المؤكد أن الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في
العالم، في حالة ركود وكذلك أوروبا، اما الصين
ثانى اكبر اقتصاد في العالم من المتوقع أن ينمو اقتصادها بنسبة 2 % فقط هذا
العام، وفقًا لشركة الأبحاث (TS Lombar).
مسلسل سقوط الجنيه السوداني الي أين ؟
مسلسل سقوط الجنيه السوداني الي أين ؟
ايضا تم تجاوز أسباب
انخفاض الجنيه الحقيقية امام العملات الاجنبية بالقفز نحو تحليلات بعيدة عن لب
المشكل من قبيل وجود جنيهات مزورة، وان
هناك من يسعى لتدمير الاقتصاد، متناسين الوضع الاقتصادى الذى بدء في التدهور قبل
مبارحة الانجليز للسودان بسبب انخفاض اسعار القطن وتذبذبها عالمياً، وكان هيكل الاقتصاد
مزدوج الطبيعة بطبيعته التقليدية الواسعة كقطاع حديث وصغير؛ هيكل الإنتاج هذا أثر
على النظام المالي في جانب تعبئة الموارد الذى اعتمد على الضرائب التي كانت السبيل
إلى تحصيل ايرادات الموازنة من القطاع التقليدي، ايضا ادى الاعتماد علي القطن الى اهمال المحاصيل الزراعية الاخرى وقطاع الثروة
الحيوانية التي لم تشكل اكثر من 3% من صادرات السودان حتي العام 1956م، واهمال القطاع
الصناعي الذى شكل فقط نسبة 1% من اجمالي انتاج القطاع الخاص واهمال قطاع التعدين.
ويبدوا واضحاً وجلياً ان المستعمر هدف من ذلك الى جعل السودان مستهلكاً اكثر منه
بلداً منتجاً؛ ومنتجا في حدود ما تحتاجه مصانع بريطانيا؛ لذلك بعد ان استقل السودان عام 1956م قُدر الناتج
المحلي الإجمالي في ذلك الوقت بمبلغ 284 مليون جنيه إسترليني (795 مليون دولار
أمريكي)، وبلغ نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي 28 جنيهاً إسترلينياً أو حوالي
78 دولاراً؛ مما صنف السودان من بين أفقر البلدان في العالم.
تميزت الفترة من 1978 إلى 1981 بعدم
الاستقرار الاقتصادي الناجم عن صدمات الاقتصاد الكلي التي نتج عنها عجز ميزان
المدفوعات، وهذه الصدمات تسبب فيها عرض النقود، الضرائب، الانفاق الحكومي. ولتصحيح
الوضع لجأت الحكومة إلى خفض القيمة
الاسمية للجنيه السوداني في العام 1980 بنسبة 25% امام العملات
الصعبة، بعد أن اجبرها على ذلك صندوق النقد الدولي؛ نتيجة لمشاركتة في
وضع سياسات سعر الصرف في السودان، وكان سبب أول خفض
لقيمة الجنيه الاسمية في تاريخ السودان إحداث زيادة في قيمة العملة المتداولة
لزيادة السيولة داخل البلاد ولكسب الأسواق الخارجية، وتغطية العجز في ميزان
المدفوعات ولزيادة الإنفاق في عمليات التنمية؛ وحصرنا خفض العملة في هذين المجالين
لأن قيمة الجنيه السودانى لم تكن متدهورة عند اتخاذ القرار بخفض قيمته.
أثر الخفض
على قدرة الحكومة على سداد أقساط الديون وفوائدها للدول الأجنبية حيث يصبح الدين
بعد الخفض اكثر عبئاً. رغم وضع خطة خمسية سبقت خفض قيمة الجنيه، وكانت
ذات أهداف وتوقعات
متفائلة رغم الوضع الاقتصادي المتدهور في ذلك الوقت، الذي تميز بتضخم الجزء الاكبر
منه جاء نتيجة لتمويل خطط التنمية بالعجز (طباعة النقود)، وزيادة تكاليف التطوير
بسبب ارتفاع الأسعار في جميع أنحاء العالم، وارتفاع تكاليف رأس المال الخارجي.
وبمضي السنة الثانية من الخطة الخمسية، لم يكن هناك نمو اقتصادي، وزادت ضغوط
الديون الخارجية، وفشل السودان في الوفاء بمدفوعاته المقررة، وانخفض الانتاج
الزراعي والصناعي من حيث نصيب الفرد. من
جانب آخر السودان كغيره
من الدول النامية التي لديها ضعف كبير في حجم الادخار، وأن اقتصاداتها ريعية وفي
معظم الحالات يكون مصدراً طبيعياً ليس بحاجة إلى آليات إنتاج؛ والفائض من الدخل
بعد الاستهلاك عادة ما يوجه نحو قطاعات خدمية غير انتاجية هي في المقام الأول استهلاكية،
وهذا يؤدى لارتفاع معدل الاستهلاك على حساب الادخار، وذلك بسبب تدني مستويات الدخل
الفردي مع وجود ميل ونزعة لدى الافراد نحو الاستهلاك، بالإضافة الى مستويات التضخم
المرتفعة وضعف القطاعات الانتاجية المحلية والاعتماد على الاستيراد أكثر من
الانتاج والتصدير. في هذه الظروف لجأت الحكومات عبر تاريخ طويل إلى الاقتراض
والاستدانة من القطاع المصرفي لتمويل عجز الموازنة. ورغم تطبيق خطة صندوق النقد الدولى انخفض
الناتج المحلي الإجمالي بنحو 6 % بالقيمة الحقيقية، وزاد العجز في ميزانية الحكومة
المركزية حوالي 10 % من الناتج المحلي الإجمالي، وزادت القاعدة النقدية بمعدل سنوي
في المتوسط أكثر من 40 % بالمقارنة مع المعدل المستهدف البالغ 16 % لمجموعة 1980-1981؛
وفي ذات الفترة ارتفع معدل التضخم إلى حوالي 35 % سنويا في المتوسط.
استمر هذا
التدهور مع استثناء الفترة التى اعقبت انتاج البترول حتى انفصال جنوب السودان،
وتميزت فترات التدهور بتباطؤ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ولم يتم ادارة التدفقات
الناتجة من ايرادات البترول ورأس المال الأجنبي إلى القطاعات الزراعية بكفاءة مما
أدى إلى فشل المشاريع وتسبب ذلك في مشكلة تراكم الديون الضخمة، وكان صندوق النقد
الدولي قد أوقف مساعداته للسودان منذ
1984م.
تفاقم الدين الخارجي بصورة كبيرة، وأثر على ثلاثة متغيرات
اقتصادية مهمة هي الادخار،
الاستثمار، والإنتاج،
بالإضافة إلى عوامل الهجرة الداخلية نحو المدن، كانت هذه عوامل مهمة في التأثير على
الانتاج، ايضاً تأثرت القدرة الإنتاجية نتيجة للنقص في قطع الغيار وانخفاض الطاقة،
وعدم توفر مدخلات الانتاج الأساسية نتيجة لانخفاض موجودات العملات الصعبة، تحول
موارد الإنتاج إلى الدفاع الوطني، بسبب اشتعال الحرب في شرق وغرب السودان؛ بسبب
هذه العوامل دخل اقتصاد السودان في فترة طويلة من التباطؤ والضعف الاقتصادي، وادى
ذلك الى اختلال ميزان المدفوعات، بالإضافة الى الظروف الغير المواتية في التجارة
الدولية، وضعف برنامج الاستثمار العام وانخفاض معدل النمو.
كان
الانخفاض الحاد في عائدات النفط في أعقاب انفصال جنوب السودان في عام 2011، والنزاعات اللاحقة على النفط في الجنوب،
ضربت الاقتصاد السوداني بشدة وأثرت بشكل كبير جداً على معدل نمو الناتج المحلي
الإجمالي الذي وصل إلى سالب 4% لعام 2020م بعد ان كان سالب 2.6% في عام 2019م ؛
حيث بلغ إجمالي الناتج المحلي 18,90 مليار دولار في عام 2019م، بعد أن كان حوالى 74,29
مليار دولار في عام 2015م.
في ظل وجود دين خارجي يتجاوز الـ 55 مليار دولار، وضعف الانتاج الزراعي
والصناعي وضعف الصادرات وعدم قدرتها على المنافسة، والاعتماد على توقعات تدفق المعونات
الخارجية والصراع السياسي، وتضمين
موازنة 2020 حزمة سياسات صندوق النقد الدولي المتمثلة في تحرير سعر الوقود وتخفيض
قيمة الجنيه وزيادة الدولار الجمركي، وزيادة الكتلة النقدية بطباعة المزيد من
النقد، وزيادة المرتبات زيادة كبيرة جدا دفعت دفعة واحدة فى خضم
أزمة كورونا، ودخول الحكومة كمشتر للدولار من السوق الاسود، هذه العوامل تسببت في
الانخفاض المتسارع لقيمة العملة الوطنية وسوف سيتمر الانخفاض اذا لم يتم النهوض
بالاقتصاد.
أثر خفض قيمة الجنيه على النمو الاقتصادي
د. عمر محجوب محمد الحسين https://sudanile.com/%D8%A3%D8%AB%D8%B1-%D8%AE%D9%81%D8%B6-%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%8A%...
-
مفهوم وتطور القيمة العادلة أولاً: مفهوم القيمة العادلة حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي كان يعتقد أن التكلفة التاريخية هي أساس القي...
-
د. عمر محجوب محمد الحسين الفرق بين القياس والتقييم القياس والتقييم Measurement and evaluation بصورة عامة في مجال الاع...
-
مزايا وعيوب استخدام مبدأ القيمة العادلة 1- مزايا منهج القيمة العادلة للقيمة العادلة مزايا عديدة رغم الانتق...