الأحد، 5 يوليو 2020
الأحد، 28 يونيو 2020
السبت، 13 يونيو 2020
الخميس، 23 أبريل 2020
القطاع المصرفي وضعف المساهمة الائتمانية في التنمية
القطاع المصرفي وضعف المساهمة الائتمانية في التنمية
ربطت
دراسات عدة بين
التطور المالي والنمو الاقتصادي، وهي دراسات مهمة ابرزها دراسة Joseph
Schumpeter الذى اشتهر بنظرياته حول التنمية والدورات الاقتصادية؛ وأشار في كتابه (نظرية التنمية الاقتصادية)
عام 1911م إلى
أن القطاع المالي له بالغ الأثر في تعزيز النمو الاقتصادي؛ حيث قال "يتوقف النُّمو على عاملين أساسين، الأول هو المنظم، والثاني هو
الائتمان المصرفي الذي يقدم للمنظم إمكانيات التجديد والابتكار "؛ والتجديد
والابتكار يولد موجة من الاستثمارات التى تشغل المصانع، وتدفق السلع إلى الأسواق،
وتبدأ موجة من الازدهار وزيادة في الدخل؛ وهذا الابتكار والتجديد يدفعه زيادة
الائتمان المصرفي، وهذا يدل على مدى اهمية القطاع المصرفي لعمليات التنمية
الاقتصادية.
القطاع
المصرفي في السودان مسه كغيره من القطاعات الفساد والترهل وداء السمعة، داء
التعثر، داء الفساد، داء الاداء الاداري والمهني الضعيف، العقوبات الامريكية التى
تضمنت حظراً على جميع أنواع المعاملات التجارية والمالية مع السودان. النتيجة
الحتمية تدنى الكفاءة المصرفية؛ وهذا الركام تحته أرقام تحكى وضع هذا القطاع وضعف
اسهامه في التنمية وعجلة الانتاج والاستقرار الاقتصادي، وتقارير عام 2016 اشارت
الى أن موجودات البنوك في السودان تمثل نسبة 13,3 في المائة من جملة الناتج المحلى
الاجمالي، وهي نسبة تشير من جانب الى ان الفرصة كبير امام البنوك لمزيد من النمو
والتوسع في حجم الناتج المحلى؛ لكن من جانب آخر يشير معدل القروض كنسبة من الناتج
من المحلي الإجمالي في السودان الى تدنيه بصورة واضحة بالمقارنة مع دول مثل لبنان 247 في المائة،
الأردن بنسبة 96 في المائة، في دولة الإمارات العربية المتحدة 78 في المائة،
المملكة العربية السعودية 40 في المائة، اما في المملكة المتحدة تشكل القروض ما
نسبته 153 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي؛ اما القروض تعادل نسبة 10 في
المائة من الناتج المحلى الاجمالي وهذا دليل واضح على ضعف مساهمة الائتمان المحلي
المقدم إلى القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، اذا علمنا ان المتوسط بلغ
52.6 في المائة في الدول العربية حسب بيانات البنك الدولي. وتعكس هذه النسبة
المتدنية ضعف مساهمة القطاع المصرفي السوداني في التنمية الاقتصادية والاجتماعية،
ويدل على ذلك اولاً عدد فروع
هذه البنوك في
كل ولاية من ولايات السودان والحجم الكلى لإنتاج كل ولاية ؛ فعدد الفروع داخل
ولاية الخرطوم يمثل 34 في المائة من إجمالي الفروع، بينما عدد الفروع في الولاية
الوسطى مثل 19 في المائة، وفي الولاية الشرقية 12 في المائة، وفي الولاية الشمالية
10 في المائة، وولاية كردفان 10 في المائة، وولاية دارفور 8 في المائة؛ ونلاحظ أن الولايات الاكثر انتاجاً
في المجال الزراعي والرعوى هي الاقل نصيبا من عدد الافرع، صحيح أن العاصمة مركز
ثقل اقتصادي لكن الفرق كبير في نسبة عدد الفروع
بينها وبين مراكز الانتاج الزراعي والحيواني.
اما
في تمويل القطاعات الاقتصادية ونصيبها من مجمل الائتمان المصرفي الممنوح بالعملة
المحلية فيظهر النسب الآتية حسب تقارير الربع الثاني لعام 2019م، قطاع الزراعة
نسبة 12 في المائة، قطاع التشييد والتجارة المحلية على التوالي حوالي 11 في المائة
و8 في المائة من مجمل الائتمان المصرفي، وحوالي 23 في المائة لقطاع الصناعة، و7 في
المائة لقطاع النقل والتخزين، وحوالي 2 في المائة لقطاع الواردات، و10 في المائة
للصادرات، وحوالي 2 في المائة للتعدين، التجارة المحلية 8 في المائة، و25 في
المائة لقطاعات اخرى.
من
جانب آخر لا يزال السودان يسجلّ أحد أدنى المستويات في المنطقة العربية في ما يخصّ
الشمول المالي، بعد اليمن والصومال والعراق وجيبوتي ومصر، حيث لا تتجاوز نسبة
المتعاملين مع القطاع المصرفي أو المؤسسات المالية الرسمية 15.3 في المائة من
إجمالي السكان البالغين (فوق سن الـ15 عاماً)، وتنخفض هذه النسبة إلى 10 في المائة
عند النساء، وفقاً لبيانات البنك الدولي الصادرة عام 2014. كما بلغت نسبة البالغين
الذين اقترضوا من المصارف التجارية أو من المؤسسات المالية حوالي 4.2 في المائة
فقط؛ إن ضعف الشمول المالي قوض بصورة كبيرة تعبئة المدخرات
والحد من الفقر، حيث انخفض الائتمان المقدم للقطاع الخاص بنسبة 52.3 في المائة إلى
6.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2016، وذلك من الدرجة
القصوى التي بلغها في عام 2012، أيضا أدى غياب سوق بين البنوك إلى استمرار وجود
احتياطيات فائضة. من جانب آخر ادت عمليات ضخ الاصول لإعادة رسملة البنوك الضعيفة
إلى امتلاك البنك المركزي والحكومة بشكل كامل أو جزئي لحوالي 41 في المائة من
البنوك. من جانب آخر ومن غريب الأمر لا تملك البنوك السودانية أي رأس مال في أي من
تكتلات أو امتيازات قطاع النفط والغاز، الذى تم تمويله من قبل المستثمرين الأجانب
من خلال اتفاقيات تقاسم الإنتاج (PSA)؛
واكتفت البنوك فقط بتقديم الخدمات المصرفية التقليدية لبعض المقاولين المحليين
الذين يخدمون صناعة النفط. اما المعاملات الإلكترونية تعتبر متخلفة فيما يتعلق
بالمنتجات غير المالية حيث لا يزال القطاع المصرفي في السودان بحاجة إلى تطوير
وتحسين كبير في مجال التكنولوجيا المصرفية بشقيها.
إن التمويل أحد اهم عناصر تحقيق أهداف
التنمية الاقتصادية، فليس من الممكن أن نحصل على وسائل الانتاج التي تتحول من رأس
مال نقدي الى رأس مال منتج دون التمويل المصرفي الذي يعتبر محركا لعجلة الاقتصاد
ويلعب دوراً حاسماً في ازدهار اقتصاد أي دولة من خلال تمويل الانتاج، الاستهلاك،
وتسوية المبادلات. في ظل الظروف الاقتصادية الحالية فهل من الممكن ان نري وحدات
مصرفية لديها القدرة على الاسهام في التنمية الاقتصادية ام أن الأمر رهين بالوضع السياسي والاقتصادي وسياسات
البنك المركزي وقدرته على الرقابة ومدى ثبات قيمة الجنيه السوداني، ومألات الوضع
الاقتصادي العالمي بعد أزمة فيروس كورونا.
الثلاثاء، 14 أبريل 2020
الاقتصاد العالمي ما بعد كورونا
الاقتصاد العالمي ما بعد كورونا
د. عمر محجوب الحسين
يجمع الخبراء
حول هشاشة الوضع الاقتصادي العالمي واتجاهه نحو الركود، و شهد العقد الماضي سلسلةٌ
من الأزمات الاقتصادية والصدمات السلبية الواسعة النطاق، بدءا من الأزمة
المالية العالمية للفترة 2008-2009، تلتها أزمة الديون السيادية الأوروبية للفترة
2010-2012م، وإعادة تنظيم الأسعار العالمية للسلع الأساسية للفترة
2014-2016م؛ ثم حروب الرئيس ترامب مع
الصين، المانيا وفنزويلا وتدخله لنقض غزل وفض شراكة الاتحاد الاوربي، وازمته مع
تركيا؛ خاصة وأن اقتصاديين يحذرون من أن التأثيرات الاقتصادية للحرب ستكون واسعة
وسلبية، بما في ذلك انخفاض النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم والبطالة في البلدان
الغربية؛ اذا لم يتعافى الاقتصاد العالمي مطلقا منذ 2008م، حتى سقط الاقتصاد
العالمي في مستنقع أزمة كورونا العاصفة، ومشكلة تدنى اسعار النفط الذى يعانى من انهيار
الطلب العالمي على النفط بسبب انتشار فيروس كورونا، وفشل روسيا والسعودية في
الاتفاق كان من اول تداعياته هبوط أسعار النفط في أسواق آسيا بأكثر من 20 في
المئة، فيما سماه محللون بداية حرب أسعار بين المنتجين الرئيسيين، ثم تلى ذلك الهبوط
الدراماتيكي للبورصات العالمية، في ظل اقتصاد عالمي بدلاً من ان يتعزز انساق نحو توقعات
غير مبشرة بدءاً من عام 2018م، رغم أن التوقعات كانت تشير الى انه ربما تتحسن ظروف
الاستثمار بشكل عام، بفضل انخفاض حدة التقلبات المالية، وتراجع هشاشة القطاع
المصرفي، والانتعاش في بعض قطاعات السلع الأساسية، وبفضل توقعات عالمية أقوى
للاقتصاد الكلي؛ لكن ارتفاع مستوى عدم اليقين في مجال السياسات، وارتفاع مستويات
الديون يحولان دون انتعاش محددات الاستثمار؛ حيث أن عدد من أوجه عدم التيقن
والمخاطر باتت واضحة، لاسيما في مجال السياسات الذي ألقي بظلاله على آفاق التجارة
العالمية. من جانب آخر حذر مجلس الاحتياط الفدرالي الأمريكي يوم الأربعاء الماضي
من أن الغموض الجيوسياسي هو العامل الرئيس وراء قراره خفض أسعار الفائدة بواقع نصف نقطة تصل إلى 1.25 في المائة، ايضاً ذكر مجلس الاحتياط إن الغموض حول الاتجاه
الذي يمكن أن تسير به الحرب قد بدأ يقلص من الاستثمارات والإنفاق الاستهلاكي،
وأصاب الأسواق المالية بالخمول. كما حذرت شركات
الطيران البريطانية من أنّ قطاع الطيران في المملكة المتحدة قد لا ينجو من وباء
كورونا من دون دعم مالي طارئ؛ وشهدت أسعار الأسهم عالميا أسوأ أداء لها منذ الأزمة
الاقتصادية التي وقعت عام 2008، وهو جعل البعض يصف يوم الهبوط بـ"الاثنين
الأسود". وأغلقت
المؤشرات المالية الرئيسية في الولايات المتحدة أول أيام التداول الأسبوع الماضي
بخسائر تجاوزت 7 في المئة، في حين بلغت خسائر الأسهم الرئيسية في بورصة لندن حوالي
8 في المائة؛ وتكررت تلك الخسائر الكبيرة في أوروبا وآسيا إثر الخلاف بشأن تخفيض
إنتاج النفط لتعزيز الأسعار، وكانت أسعار الأسهم تتراجع فعلياً بسبب المخاوف
المصاحبة لانتشار فيروس كورونا عالميا، وتعرضت الأسهم في مؤشرات البورصة الرئيسية
بالولايات المتحدة لهبوط حاد في مستهل عمليات التداول، وهو ما دفع الجهات
التنظيمية إلى وقف التعامل لحوالي 15 دقيقة؛ بدأ الأثر السلبي لتفشي وباء كورونا
في دول آسيا يتضح مع إصدار سنغافورة الأرقام الأولية للنمو الاقتصادي للربع الأول
من العام؛ ويبدو أن سنغافورة تسير الآن صوب أول ركود اقتصادي تتعرض له البلاد
العام منذ عقدين، كما تشير الأرقام إلى أن الاقتصاد العالمي أيضا بصدد أن يشهد
تراجعا حادا، فقد حذر صندوق النقد الدولي من ركود اقتصادي عالمي أسوأ من الركود
الذي شهده العالم عقب الأزمة المالية عام 2008؛ وذكرت تقارير سنغافورة إن الناتج
المحلي الإجمالي انكماشاً مقدار 2.2 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام
الماضي، بينما تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10.6 في المئة مقارنة بالربع
الأخير من العام، ويعد ذلك أكبر تراجع سنوي يشهده الاقتصاد في سنغافورة منذ عام
2009، في منتصف الأزمة المالية العالمية.
وسوف يتأثر التبادل التجاري بسبب تراجع الإنتاج وعرقلة الإمداد وضعف الطلب العالمي، بما في ذلك الطلب على الطاقة، والترابط
المالي الذى ظهر في تأثره من خلال أسوأ أداء منذ اندلاع الأزمة المالية العالية
عام 2008، حيث أن شعور المستثمرين باتجاهات تأثير الفيروس على الاقتصاد العالمي وفر
لهم قناعات سلبية تجاه الاوضاع الاقتصادية، ايضا تأثر قطاع السياحة
والنقل، إذ انخفض معدل الرحلات، وأغلق العديد من المطارات حول العالم. إن الاعاقة
التي حدثت للنشاط الاقتصادي العالمى، وتكاليف التصدي والاحتواء لفيروس كورونا،
وهناك نقطة بالغة الاهمية تعتمد عليها الاسواق العالمية وهي عاملي الثقة واليقين؛
ايضا هناك دعما ماليا ضخما للاقتصاد في ألمانيا والولايات المتحدة الامريكية
وسنغافورة، و منطقة اليورو التى خصصت حوالى750 مليار يورو، من خلال ضخ سيولة كبيرة
لإنقاذ القطاعي المالي ودعم الاقتصاد؛ وقطعا سوف تزيد قائمة الدول التى سوف تقدم
دعم لاقتصادها بعد ان يتضح أثر فيروس كورونا على مجمل اقتصادياتها.
لقد اصاب الفيروس الاقتصاد العالمي
بالشلل، وهناك توقعات بتراجع النمو في الصين وحدوث انكماش في اليابان وركود في
فرنسا، وإغلاقا للمناطق الصناعية في شمال إيطاليا، وخفضا طارئا لأسعار الفائدة إلى
حدود الصفر في بريطانيا وأميركا، وبحسب منظمة التعاون ف أن الاقتصاد العالمي مقبل
لا محالة على تراجع وانكماشا حادا، والتوقعات الأولية لهذا التراجع تشير إلى انخفاض في النمو في حدود 0.9-0.5 في
المائة إلى 1.5 في المائة لهذا العام، وقد
يصل إلى أدنى مستوى له منذ الأزمة المالية العالمية؛ وأشارت منظمة الأونكتاد إلى
أن تباطؤ الاقتصاد العالم سيصل إلى أقل من 2 في المائة لهذا العام ويتوقع ان يكلف
نحو تريليون دولار، خلافا لما كان متوقعا في أيلول/سبتمبر الماضي، أي أن العالم
على عتبة ركود في الاقتصاد العالمي.بالإضافة الى ذلك سيشكل أزمة فيروس
كورونا وانهيار أسعار النفط بسبب حرب الأسعار بين السعودية وروسيا أثرا سلبيا
مزدوج على اقتصاد العالم.
الأحد، 24 نوفمبر 2019
صندوق النقد وخطر عدم المساواة الاقتصادية
صندوق النقد وخطر عدم المساواة الاقتصادية
اصبح صندوق النقد الدولي
منذ سنوات عدة تحت نيران المنتقدين، بالنظر الى نتائج برامجه التي يعتبرها البعض
مدمرة وذات نتائج سلبية في كل الدول التي خضعت الى شروطه العلاجية؛ وابرز واشد
انتقاد جاء من المحامي الأمريكي والخبير في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي
ألفريد موريس دي زاياس (Alfred-Maurice de Zayas) الذى شغل منصب رفيع لدى الامم المتحدة، بأن سياسة الصندوق عززت
الخصخصة واطلقت العنان للاقتصاد الحر، وأن الصندوق من خلال قروضه لا يراعى ولا
يهتم بحقوق الانسان، وطالب الصندوق بمنح القروض فقط للدول التي تفي بالتزاماتها
على صعيد التنمية واحترام حقوق الانسان. وكثير من الباحثين وجهوا اسئلة عدة حول
معايير الصندوق،, هل يطبق المعايير التي تضمن الحفاظ على التنمية؟ وهل يراعي المعايير
الأساسية المطلوبة لدى كل دولة؛ وهنا نتوقف عند سؤال مهم وهو هل الآليات والشروط
التي يعتمدها الصندوق لمنح قروض تتسبب في مزيد من الفقر لشعوب هذه الدول، وهل
الالتزامات الكبيرة التي تلقى على عاتق الحكومات المقترضة مقيدة وتعيق حركة النمو
وتدخلها في دوامة الاقتراض، وأن لا انعتاق من التبعية، ولا حرية في اتخاذ القرار
الاقتصادي وبالتالي تبعية سياسية.
فيما يلى سوف
نناقش أربعة مجالات يعمل من خلالها صندوق النقد لتطبيق سياساته التي تحمل في
طيّاتها خللاً في إعادة توزيع الدخل بحسب باحثين، أول هذه السياسات السياسة
المالية لصندوق النقد، والتي يشكل فيها سعر الفائدة وقيمة العملة القاسم الاعظم
المشترك، وهو يعتمدها لحل أزمة اقتصادية هيكلية لا تتعلق بهذين العنصرين فقط، حيث
أن هذه السياسيات رغم أهميتها لكن يجب أن يلازمها إصلاحات اقتصادية حقيقية، وتنمية
اقتصادية، وتبقى دائماً المبالغة في تطبيق السياسة النقدية فقط من أكبر المخاطر
التي تهدد اقتصادات الدول بشكل خاص، والاقتصاد العالمي بشكل عام، فالمبالغة دائمًا
ما يكون لها تأثير عكسي على اتجاهات النشاط الاقتصادي ووضعه، وهو ما حدث في
الأرجنتين، ومنذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي اصبح التأثير في التضخم بشكل غير
مباشر عن طريق المقاربة التقليدية القائمة على التحكم في المتغيرات الوسيطة مثل
معدلات الفائدة، سعر الصرف، والمجاميع النقدية، لم تكن فعالة في خفض التضخم. من
جانب آخر يؤمن بعض علماء الاقتصاد أن السياستين المالية والنقدية غير فعالتين في
جميع البلدان، ويؤمن البعض بأنهما اداتين سياستين مهمتين، على الرغم من فعاليتها
لكن تطبيقهما يعتمد على الظروف الاقتصادية لكل بلد. وفضلاً على ذلك، إن كيفية
تطبيق السياسات عامل مهم للأدوات المختلفة لأن لها أثارًا مختلفة على مستوى
الفعالية والمساواة والانماء والنمو، وحول موضوع عدم المساواة ذكرت كريستين لاغارد
(Christine Lagarde) التى شغلت منصب مديرة عام صندوق النقد الدولي وتخلت عن المنصب في
سبتمبر 2019م، في مقالة لها، ان الإصلاحات الحيوية الداعمة
للنمو (مثل إصلاحات الزراعة والقطاع المالي والاستثمار العام) قد تؤدي في بعض
الأحيان إلى توسيع نطاق عدم المساواة في البلدان الأقل دخلا.
المجال الثاني من اشتراطات الصندوق للإصلاحات
الهيكلية اتباع منهج الاقتصاد الحر، اذا علمنا أنه منذ عام 2011م وحتى عام 2019 هو
العام الثامن على التوالي الذي يسجل فيه إجمالي الناتج المحلي العالمي نموا أقل من
المتوسط طويل الأجل الذي يبلغ 3.7 في المائة وكان للفترة من 1990م الى 2007م، ومن
المرجح أن يكون عام 2020م هو العام التاسع على نفس المنوال؛ في ظل حروب اقتصادية.
ويُلاحَظ أن الاقتصاد العالمي لم يسجل أداءً بهذا الضعف لفترة طويلة منذ أوائل
تسعينيات القرن الماضي، حيث تسبب التحول الاقتصادي الحر في إبطاء وتيرة النمو؛
والخطط التى يطرحها الصندوق في هذا المجال هي خفض القيود على حركة السلع وتدفّق
رأس المال؛ على اعتبار أن فتح السوق المحلّية على الخارج ورفع القيود والرسوم على
التجارة ستؤدّي إلى خفض عدم المساواة، وأن ارتفاع حجم التجارة مع الخارج سيؤدّي
إلى تحسين الظروف المعيشية للعاملين في قطاعات إنتاجية موجّهة للتصدير. لكن
الوقائع تشير الي نتيجة عكسية، ففي أميركا اللاتينية لم تؤدِّ اللبرالية إلى هذه
النتائج، حيث تم رفع الحماية عن القطاعات ذات الكثافة العمالية العالية غير
الماهرة، مما أدّى إلى انخفاض اجورها، وارتفع مؤشر عدم المساواة نتيجة لذلك.
المجال الثالث من برامج الصندوق إصلاح
القطاع المالي وهذه البرامج تبدأ بخصخصة المؤسّسات المالية ولن نتحدث عنها كثيرا
لأنها تمت في عهد الانقاذ، لكن الصندوق يحدد مستويات معيّنة لمؤشّر التضخّم؛ يهدف
إلى تحقيق استقرار القطاع المالي، وخفض التضخّم، وتقليص فرص حدوث انهيار للعملة
المحلّية. لكن محاربة التضخم بهذه الاجراءات له كلفة عالية، حيث ان رفع معدّلات
الفائدة كمثال هو إجراء لصالح الدائنين على حساب المَدينين، ومن شأنه أن يزيد من
حدّة عدم المساواة ويوسّع الفجوة. وتشمل هذه الاصلاحات إدارة المؤسّسات المالية،
وسندات الخزينة، والبنك المركزي وغيرها، علماً بأن اتفاقية اقراض غواتيمالا اشتملت
على سقوف كمّية لمعدّل نمو المطلوبات المصرفية للقطاع الخاص والدَّائنين المحلّيين؛
كما الزمت أوغندا بضرورة خصخصة (مصرف أوغندا للتنمية) عام 2002م.
المجال الرابع تقييد الدَّيْن الخارجي
وهو احد المجالات ذات الأولوية للتعامل مع الدَّيْن الخارجي وفقاً لمجموعة معايير
تحدّ من الحصول على ديون خارجية جديدة؛ وهذا يؤدى الى عجز عن الانفاق العام، وبالتالي
خفض الإنفاق والذى غالبا ما يأثر به الباب الأول وبرامج التنمية. أخير يجب أن نشير
الى ان اصلاحات الصندوق تؤثر بشدة على معامل جيني، وهو من المقاييس المهمة والأكثر
شيوعا لقياس عدالة توزيع
الدخل القومي؛ وهذا ما اثبته عدد من الباحثين من خلال دراسة 135 دولة للفترة من
1980م-2014م اخذت في الاعتبار متغيّرات وشروط الصندوق ابرزها المجالات التي
ذكرناها في هذه المقالة، ونصيب الفرد من الناتج، والتضخّم، والبطالة، وشروط
الدَّيْن، والتعليم، ومؤشّرات سياسية.
الثلاثاء، 5 نوفمبر 2019
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
أثر خفض قيمة الجنيه على النمو الاقتصادي
د. عمر محجوب محمد الحسين https://sudanile.com/%D8%A3%D8%AB%D8%B1-%D8%AE%D9%81%D8%B6-%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%8A%...
-
مفهوم وتطور القيمة العادلة أولاً: مفهوم القيمة العادلة حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي كان يعتقد أن التكلفة التاريخية هي أساس القي...
-
د. عمر محجوب محمد الحسين الفرق بين القياس والتقييم القياس والتقييم Measurement and evaluation بصورة عامة في مجال الاع...
-
مزايا وعيوب استخدام مبدأ القيمة العادلة 1- مزايا منهج القيمة العادلة للقيمة العادلة مزايا عديدة رغم الانتق...