السبت، 27 أكتوبر 2018

قطر تميز اقتصادي ومؤسساتي

          قد يظن البعض ان تميز دولة قطر الاقتصادي حدث بفعل انتاج الغاز والبترول فقط، لكن قطر لديها تميز مؤسسي وذكاء اقتصادي، وتمتلك كفاءات اقتصادية وادارية ومالية استطاعت خلال ثلاثة عشر عاماً أن تجعل الاقتصاد القطري في مقدمة اقتصاديات دول المنطقة، وتجعله لا يتأثر بتقلبات اسعار الطاقة أو أي حصار القصد منه الاضرار بها كما يحدث حالياً؛ وتجعل دخل الفرد القطري الأعلى في العالم حسب تصنيف مجموعة البنك الدولي للعام 2019م؛ واستند تصنيف البنك الدولي على تأثر نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي ومستوى النمو الاقتصادي المسجل إضافة إلى معدلات التضخم وسعر صرف الريال القطري ومؤشرات التركيبة السكانية. وكان اهم مؤشرات الذكاء الاقتصادي الاهتمام بعملية الرصد سواءً للمحيط الإقليمي او الدولي في محاوره التنافسية، والتكنولوجية، والتجارية؛ بالإضافة الي اليقظة الاقتصادية.
          فمنذ عام 2005م أنشأت دولة قطر صندوقاً سيادياً للثروة وهو جهاز قطر للاستثمار الذى يراسه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امير دولة قطر، وهو صندوق تم انشاؤه للاستثمار المحلي والعالمي من خلال ادارة اموال النفط والغاز الطبيعي وادارة مخاطر الاعتماد فقط على اسعار الطاقة وتقلباتها، من خلال معالجة المعلومات المفيدة للشركاء الاقتصاديين لصياغة استراتيجياتهم المالية؛ ومن خلال الفائض السنوي من موازنتها، حيث أن من مهام الجهاز دعم تطوير تنافسية الاقتصاد القطري، وتسهيل التنوع الاقتصاد وتطوير المهارات المحلية، من خلال رؤية طموحة بأن يكون من بين أوائل المؤسسات الاستثمارية، وضمن رؤيته يسعى إلى أن يكون الشريك الأفضل لاختيارات المستثمرين والممولين الدوليين ووجهتهم. منذ تاريخ انشاء صندوق قطر السيادي استطاع جهاز قطر للاستثمار تعزيز استثمارات قطر في الاسواق العالمية في أوروبا والولايات المتحدة الامريكية ودول الآسيوية والمحيط الهادي، وابرز هذا الجهاز قدرات فائقة في تنويع الاستثمارات بصورة مكنت قطر من ترسيخ استثماراتها حول العالم بفهم وادراك كبيرين لأهداف الجهاز ومخاطر الاعتماد على اسعار الطاقة وموارد النفط والغاز، حيث تمكن فائض رأس المال القطري اجراء العديد من الصفقات والاستحواذ على العديد من المشاريع الاستثمارية في الاسواق الدولية، وبلغ حجم الصفقات والاستحواذ، التي أبرمها جهاز قطر للاستثمار وشركات القطاع العام والخاص مليارات الدولارات موزعة على مختلف دول العالم. وحسب تقرير في ديسمبر 2017م، واستنادًا على أصول صناديق الثروة السيادية العربية المدرجة في تقرير (SWF Institute) المتخصص في دراسة ورصد استثمارات الحكومات والصناديق السيادية العالمية، احتلت قطر المرتبة العاشرة عالمياً من 78 صندوقاً سيادياً يشملها ويرصدها التقرير حيث تقدر اصول جهاز قطر للاستثمار 335 مليار دولار امريكي.
          ومن اهم استثمارات الجهاز محلياً استثماره في بورصة الدوحة حيث يعتبر اكبر مستثمر، ويمتلك حصة كبيرة في بنك قطر الوطني الذى يعتبر من اكبر البنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمؤسسة المالية الرائدة في دولة قطر،  وشركة اوريدو للاتصالات التي تنتشر وتعمل في اثني عشر دولة حول العالم، ويمتلك الجهاز الخطوط الجوية القطرية ونادي الغرافة. وفي اوروبا يمتلك الجهاز حوالي 6 في المائة من شركة الفضاء الأوروبية العملاقة (ايرباص)، و15.1 في المائة من أسهم سوق لندن للأوراق المالية، و17 في المائة من مجموعة فولكسفاغن وحصة في شركة بورش، كما يعتبر جهاز قطر للاستثمار أحد المساهمين في مجموعة لاغاردار بنسبة 12.83 في المائة. واستحوذ على نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم. واشترى الجهاز 100 في المائة من رأس مال نادي باريس سان جيرمان لكرة اليد. ايضا امتلك في فرنسا مجموعة من الفنادق وهي فندق لومبار، فندق كينسكي، فندق لاندولفو كاركانو، فندق إفرو، فندق ماجيستيك، فندق غراي دالبيون، فندق كواسلان، وكذلك في شارع الشانزليزيه باريس يمتلك الجهاز أبنية ومقار كل من فيرجن ميغا ستور، اتش اس بي سي، ليدو، رويال مونسو، وبينانسولا، واستحوذ على لويس فويتون الفرنسية المتخصصة في المنتجات الجلدية والملابس الجاهزة والأحذية والساعات والمجوهرات، بالإضافة إلى حصة مقدرة في شركة توتال الفرنسية المشهورة. ويقدر كذلك مجموع استثمارات الجهاز في بريطانيا بحوالي 45 مليار دولار، ومن هذه الاستثمارات ناطحة السحاب شارد في لندن وحصص في شركة رويال داتش شل للطاقة وشركة سينسبري لتجارة التجزئة، ولديه حصص مقدرة في  فندق سافوي بالعاصمة لندن، وكذلك فندق انتركونتيننتال الفاخر الواقع في منطقة بارك لين، بالإضافة إلى متجر هارودز وبرج بنك أتش أس بي سي، ويمتلك 9 في المائة من شركة غلينكور البريطانية السويسرية لتجارة السلع الأولية والتعدين، كما يمتلك أكثر من 6 في المائة من أسهم بنك باركليز، و22 في المائة من شركة سينسبري. وفي ايطاليا استحوذ على بيت الأزياء الإيطالي الشهير فالنتينو الذي يعتبر من أكبر بيوت الأزياء حول العالم. وفي الولايات المتحدة وضع خططا لاستثمار 35 مليار دولار بحلول عام 2020م، ويعتبر الجهاز رابع أكبر مستثمر في المباني الإدارية بالولايات المتحدة، وتبلغ مشروعاته في نيويورك نحو 8.6 مليارات دولار، واستحوذ على شركة ميراماكس السينمائية الأميركية. وفي أميركا اللاتينية استحوذ على أكبر شركة طيران في صفقة بلغت 613 مليون دولار، وفي روسيا تمتلك قطر في شركة روسنفت الحكومية العملاقة لإنتاج النفط حصة تمثل 9.75 في المائة تقدر قيمتها بحوالي 6.8 مليار دولار؛ ولدى الجهاز استثمارات في اسيا وفي أكبر بنوك الصين، وفي تركيا.
          ووفقاً لصندوق النقد الدولي بلغ حجم الاقتصاد القطري حوالى 170 مليار دولار وانه لا يعتمد على قطاع الطاقة فقط، فهناك قطاعات غير النفطية تشكل حوالي 61 في المائة من الحجم الكلي للاقتصاد القطري؛ وهذا ما مكن دولة قطر من تجاوز تبعات الحصار الظالم التي تعرضت له وفوتت الفرصة على المحاصرين للإضرار بها؛ وهذا نتيجة إدماج المعارف العلمية والتقنية والاقتصادية والقانونية والجيوسياسية.

الخميس، 18 أكتوبر 2018

نحو الاندماج المصرفي

          في ظل الظروف الاقتصادية المتردية وحجم التعثر المصرفي وفقدان ثقة الناس في الجهاز المصرفي والبنوك في الفترة الاخيرة على المستوى المحلي؛ واشتداد المنافسة منذ بداية حقبة العولمة، وتنوع المخاطر، وضغوط العمل المصرفي ومتطلباته لتطبيق التقنيات الحديثة لمواكبة هذه العولمة وافرازاتها وحتمية البحث في انتاج خدمات ومنتجات مصرفية جديدة تواكب الظروف الاقتصادية للسودان وتكنولوجيا المعلومات، واستيفاء متطلبات لجنة بازل للرقابة المصرفية؛ كان على البنوك السودانية وسوق العمل المصرفي التفكير والانفتاح نحو الاصلاح والاندماج لمواكبة اتجاهات الاندماج الدولية حيث أننا نعاني من ضعف الوحدات المصرفية وصغرها. وفي البداية لابد أن نفرق بين الدمج المصرفي من خلال تدخل الحكومة والاندماج الوديّ، حيث أننا نقصد الاندماج المصرفي الوديّ الذي يؤدى الي اتحاد مصرفين أو اكثر وذوبانهما في كيان مصرفي واحد بحيث تتحقق اهداف لا يمكن تحقيقيها بالعمل بانفراد، وبناء وزيادة ثقة العملاء والمتعاملين في قدرات البنوك المندمجة، وتحقيق وضع تنافسي افضل بزيادة قدرات الكيان الجديد بتجميع الموارد وبالتالي قدرته على المنافسة وتحقيق عائد يديم القدرة التنافسية. ويمكن ان يكون الاندماج لبنوك تعمل في نفس النشاط أو انشطة مختلفة.
          يحتاج النظام المصرفي السوداني الي كيانات جديدة مندمجة حيث يغلب الكم دون الكيف في هذه الكيانات، وحسب احصاءات عام 2008م نجد أن الكثافة المصرفية في السودان 69.70 لكل الف نسمة لكل فرع مصرفي، بينما الجزائر26.20 لكل الف نسمة لكل فرع مصرفي، السعودية  18.40 لكل الف نسمة لكل فرع مصرفي؛ حيث يعمل في السودان حوالى 37 بنكاً في ظل اقتصاد معدل الناتج المحلي الإجمالي فيه حوالى 97.16 مليار دولار،  بينما الجزائر فيها 22 بنكاً ومعدل الناتج المحلي الإجمالي حوالى 142.158 مليار دولار، والمملكة العربية السعودية بها 12 بنكاً ومعدل الناتج المحلي الإجمالي حوالى 646.4 مليار دولار، والسودان يحتل المرتبة 149 من 189 في دليل سهولة ممارسة أنشطة الاعمال التجارية بينما الجزائر في المرتبة 153 من 189، والسعودية في لمرتبة 26 من 189، وذلك حسب احصاءات 2014-2016م.كما أن بنوك السودان لا يوجد منها أي بنك ضمن المائة بنك عربي حتى الربع الاول من عام 2017م وهذا الوضع مستمر حتى الآن، اما على المستوى الافريقي بحسب رأس المال الأساسي احصاءات عام 2015م كان هناك فقط بنك الخرطوم وبنك ام درمان الوطني وكان ترتيبهما على التوالي 92/99 من مائة بنك افريقي.
          إن مواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة والمعضلات الاقتصادية على المستوى المحلي وخلق قدرة للتعامل والتعاطي مع التكتلات الاقتصادية العملاقة كالاتحاد الأوربي، واتحاد دول شمال امريكا للتجارة الحرة (النافتا)، والتكتل الأسيوي الباسيفيكي الاقتصادي (APEC) ، والتكتل المتوسطي بين الدول الاوربية المطلة على البحر الابيض المتوسط يضاف الى ذلك منطقة التجارة العالميةW.T.O ، هذه الظروف تجعل من غير المنطقي الاحتفاظ بوحدات مصرفية صغيرة تكاد لا تخدم حتى متطلبات الاقتصاد المحلي وإن فعلت ذلك يكون بصعوبة كبيرة؛ كما لا تستطيع القيام بالخدمات المصرفية العالمية التي تتطلبها التجارة الدولية؛ كما أن العولمة وتقنياتها المذهلة والسريعة التغير التي مرت بها الصناعة المصرفية العالمية تجعل من الضروري ان يكون هناك وحدات مصرفية ذات امكانيات وموارد مالية ضخمة في امكانها الاستثمار في تلك التقنيات حتى تستطع مواكبة اخر تطورات تكنولوجيا العمل المصرفي وهو الامر الذى يتطلب قدرات هائلة لن تتحقق لبنك بمفرده وخاصة في افريقيا ومعظم الدول العربية التي لا تزال رؤوس اموال البنوك فيها صغير او متوسط.
          التدهور الاقتصادي الحادث حالياً أو ربما يحدث على فترات مختلفة حتى لو كنا في سراء، هذا التدهور أو الازمات الاقتصادية العالمية في بعض الاحيان يجعل البنوك تواجه مشاكل كبيرة يستعصى على البنوك ذات الموارد المالية المحدودة؛ نظرا لحجمها الصغير مقارنة بالبنوك العملاقة التي نشأت من اندماج، هذه المشاكل الاقتصادية والازمات المالية من المنطقي أن تدفع البنوك الصغيرة الى التفكير في الاندماج لخلق قدرات رأسمالية كبيرة تمكنها من مجابهة التدهور الاقتصادية والازمات المالية، والآن وليس سراً ان بعض البنوك تواجه وسوف تواجه المزيد من الاوضاع المالية الصعبة التي ربما تؤدى بها الي حدود الافلاس بسبب التعثر، وعدم قدرتـها على مجابهة حركة السحوبات التي حدثت مؤخراً وهروب السيولة من البنوك بسبب سياسات بنك السودان المركزي، ايضا هروب رؤوس الاموال المحلية الى دول الجوار للاستثمار، وهروب الاستثمارات الاجنبية بسبب تدهور سعر الجنيه امام العملات الاجنبية؛ لكن لو اندمجت البنوك في كيانات اكبر حجماً  لشكلت كيانات كبيره قادرة على مواجهة الازمات.
          ومن اهم ايجابيات الاندماج انه يحقق ما يعرف باقتصاديات الحجم الكبير الذى به تنخفض النفقات بازدياد الانتاج وانخفاض تكلفة الوحدة، كما يتوفر بالاندماج قدرات تحقق طفرة في مجال التقنيات والتكنولوجيا الحديثة مما يسهل عملية التعاطي مع المنظومة المصرفية الدولية وأنظمة التجارة الالكترونية، من جانب آخر سوف تزداد قدرة البنوك المندمجة على تكوين احتياطيات تدعم المركز المالي للكيان الجديد وتحقيق الملاءة المصرفية (معيار كفاية رأس المال الخاص بلجنة بازل)، وترفع من قدرته على مواجهة الأزمات الطارئة، أيضاً يساعد الاندماج البنوك على دخول الاسواق العالمية بشكل قوي يمكنها من المنافسة والاستمرار، كما انه يساعدها في التوسع الإقليمي والدولي من خلال انشاء شبكة من الفروع الخارجية مما يساعد البنك على ربط العديد من اقتصاديات الدول مع مركزه الرئيسي وبالتالي مع اقتصاد السودان ككل، ايضاً من الايجابيات انشاء قاعدة من الموارد البشرية ذات الكفاءة القادرة على الابداع.
          نعم للاندماج سلبيات في مجالات محدودة في مجال التوظيف والكفاءات لكنها لا ترقى لمستوى الفوائد التي سوف تتحقق منه؛  فهل يتم التفكير ملياً في إحداث اندماج مصرفي للاستفادة من مزاياه ؟.

الثلاثاء، 7 أغسطس 2018

جودة التعليم والتنمية البشرية

          لا شك أن التعليم ثروة بالنسبة لكل مجتمع أو دولة لأنه يُعنى بالموارد البشرية، حيث يمثل التعليم منظومة راس المال الفكري والاجتماعي والثقافي. أيضاً ترتبط سياسات التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة بالتعليم وجودته من خلال الاهتمام بالفرد، ونذكر هنا ما قاله سيمون كوزنتز بأن العامل البشري يعد من أهم العوامل في تكوين راس المال في المجتمع، والأمم المتحدة صدقت على سبعة عشر هدفاً من أهداف التنمية المستدامة لتكون بمثابة نقاط مرجعية لكل الدول لضمان الرفاه للفرد وحماية كوكبنا والقضاء على الفقر؛ وركز الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة على التعليم وكانت المرة الأولى التي يوضع فيها التعليم كهدف مستقل، ايضاً تحدث البند الرابع عن جودة التعليم لضمان تعليم جيد وشامل ومنصف مع تقرير التعليم مدى الحياة. ولا شك أن الأمم المتحدة عندما ركزت على التعليم الجيد ودعت اليه لم تقصد أية نوع من التعليم يمكن الوصول اليه كأن يكون الجميع يقرؤون ويكتبون ويعرفون الحساب، لكن الهدف أن يكون التعليم في التنمية المستدامة ليس مجرد تلقين محتوى ينحصر في القراءة والكتابة وانما تعليم يساعد الجميع منذ الطفولة على اكتشاف ملكاتهم الكامنة ومستوى ادراكهم بما يمكنهم من الدخول الى المجتمع كمواطنين منتجين ومبدعين مستعدون الى قيادة المستقبل، وبذلك تكتمل العملية التعليمية وتأخذ دورها الكامل في مساعدة المجتمعات في النهوض، واقامة مجتمعاً اكثر عدلاً وتسامحاً وابداعاً وابتكاراً؛ لذلك يجب أن تكون مسائلة المعلم معيارها التي ترتكز عليه التقييم المرتبط بالإنجاز الاكاديمي للطلاب ولا نعنى هنا فقط مستوى الدرجات ولكن نعنى درجة التقدم في مستوى كل طالب.
          إن معنى التعليم الجيد هو التنمية السليمة التدريجية التي تعلم الطالب كيف يصبح عضواً نشطاً وفعالاً داخل مجتمعه، واحصاءات وقياسات حول درجات الاختبار وعدد الكلمات المحفوظة او التي يستطيع قراءتها تعتبر قياسات سطحية تضر الطالب والعملية التعليمية. وبحسب منظمة الاشراف وتطوير المناهج (ASCD) وهيئة التعليم الدولي  (EI)أن التعليم الجيد هو الذى يركز على الطالب بصورة متكاملة من خلال تطوره الاجتماعي والعاطفي والبدني والادراكي والحسي وليس فقط نتيجة الاختبار. لذلك نجد ان قضية التعليم وجودته يجب الاهتمام بها من خلال جميع مراحل التعليم حيث انه مصدر الطاقة البشرية التي تسهم في التنمية الاجتماعية والبشرية. إن التنمية البشرية تعتبرها الأمم المتحدة من خلال المجلس الاقتصادي بأنها عملية تنمية مهارات ومعارف وقدرات افراد المجتمعات ومركز تحقق هذه الخصائص هو النظام التربوي والتعليمي، وكلما تحققت هذه الخصائص ارتفع مستوى التنمية البشرية وبالتالي التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهناك دراسات عديدة عن العلاقة بين نوعية التعليم ومؤشرات التنمية حيث بحثت هذه الدراسات الفروق الدولية في نوعية التعليم وعوامله وأثرها على نمو المكاسب الاقتصادية خلال 10 الي 20 سنة، واثبتت الدراسات وجود علاقة قوية بين جودة التعليم والتنمية ومكاسبها الاقتصادية.
          لابد أن يوفر للتعليم موارد تضمن توفر الصحة ومقوماتها والبيئة الآمنة التي تحفظ الطالب جسدياً ونفسياً، أيضاً يتم دعم التعليم من خلال ثلاثة ركائز هي ضمان وصول المعلمين الي الجودة، وتوفير ادوات التعليم الجيد، والتطوير المهني، واقامة بيئة تعليم آمنه ومساندة تتميز بالجودة. والمتأمل في حال التعليم في السودان اليوم يلحظ أن مخرجات التعليم تنقصها الجودة، حيث كان التوسع على حساب الجودة، واهدار الموارد الشحيحة على توسع افقي؛ والسودان من ضمن الدول التي انفقت من ناحية موارد التعليم والتدريس مع باستثناء الرواتب والاجور فقط 1 في المائة من متوسط الحصة المخصصة للموازنة المقررة للتعليم الابتدائي في مجال الكتب الدراسية ومواد التعليم الاخرى، في حين ان ما يعرف بمبادرة التدخل السريع لتعزيز التعليم الابتدائي، التي وضع اطارها البنك الدولي لعام 2004م قامت بمفهوم أن الدول اذا ارادت الوصول الي مستويات معقولة ومقبولة من الجودة والفعالية فلابد من تخصيص ثلث الانفاق المعتاد على المرحلة الابتدائية، والانفاق العام على التعليم في السودان لا يتعدى 2.22 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، ايضاً كان القضاء على معهد التربية بخت الرضا طامة كبرى وربما كان تدميره بمفهوم أنه لبنة استعمارية، أو للاستفادة من اصوله، ونسى من اتخذوا القرار أهمية دوره، أيضا ربما ظنوا أن التعليم العالي أهم من المراحل التي تسبقه؛ كذلك كان لدخول القطاع الخاص واستثماره في قطاع التعليم اثر كبير على جودة التعليم وضعفه واصبحنا نرى فقط مظاهر احتفالية لا قيمة لها من الناحية الاكاديمية والتربوية حتى في رياض الاطفال، ايضا كان ضعف رقابة الوزارة اثر كبير على الجودة، وهجرة الكوادر المؤهلة، وضعف تأهيل المعلمين؛ ونذكر هنا أن الدراسة عن بعد التي ابتدعتها بعض الجامعات من أجل تحصيل ايرادات كان لها اثر بالغ على سمعة التعليم في السودان حيث اتصفت العملية فيها بالمجاملة بغرض تحقيق مكاسب في عدد الطلاب وبالتالي زيادة الايرادات، كما توجد حالات غش واضحة يتحدث عنها الجميع، كما تكتب البحوث عن الطلاب بما لا يحقق الهدف منها، واصبحنا على الالسن حالنا وحال بعض الدول التي تباع فيها الشهادات الجامعية، ونذكر هنا أن دولة قطر اصبحت لا تعترف بشهادات الجامعات السودانية، واعتمدت 56 جامعة للدراسة عن بعد ليس من بينها اي جامعة سودانية.    
          اذا ثورة التعليم العالي لم تكن ثورة نحو الجودة وتنمية الموارد البشرية بل كانت على حساب الجودة، والكم دون الكيف ولم تفرز الموارد البشرية المأمولة، أيضا ونتيجة لهذه الثورة تم تدمير معهد التربية بخت الرضا. واذا ارادت الحكومة تدارك الوضع عليها تأهيل المعلم والمدارس وتغيير نمط التعليم السائد ليؤهل الانسان القادر على البناء والمساهمة في تكوين وتأهيل الموارد البشرية التي تعتبر رأس الرمح لأى تنمية مستدامة .

الثلاثاء، 31 يوليو 2018

اقتصاديات الطاقة المتجددة

نسمع كثيراً عن الطاقة المتجددة فما هي هذه الطاقة ؟ الطاقة المتجددة هي الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية للبيئة ولا تنفد لذلك يستخدم لفظ متجددة عند تعريفها، وتنتج الطاقة المتجددة من الطاقة الشمسية، طاقة الرياح التي تعتبر اكثر الموارد المتجددة نمواً، الطاقة النووية، الطاقة المائية، الطاقة الجوفية، طاقة المد والجزر والطاقة الحيوية المستمد من الكائنات الحية سواء النباتية أو الحيوانية منها، وهي أحد أهم مصادر الطاقة المتجددة، على خلاف غيرها من الموارد الطبيعية مثل النفط والفحم الحجري، معنى ذلك تتوفر الطاقة المتجددة بكميات هائلة وغير محدودة لكن لا يستخدم ولم يستثمر منها إلا كميات قليلة بسبب عدم توفر التكنولوجيا ورأس المال اللازم. وتعتبر الطاقة المتجددة طاقة صديقة للبيئة وهي متوفرة في كل مناطق العالم بعكس الطاقة التقليدية التي تؤثر بشكل مباشر على البيئة وعلى حياة الكائنات الحية الموجودة على سطح الأرض، وذلك باعتمادها على الوقود الأحفوري والبترول، وتسبب ارتفاع درجة حرارة الأرض، وتسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري. وارتبط الاهتمام بالبطاقة المتجددة والسعي نحو الاستفادة منها بعد أزمة البترول عام 1973م؛ لكن اصبحت مسألة مهمة جداً لا يخضع الاهتمام بها لتقلبات أسعار البترول أو الغاز، حيث اصبحت تحركها نظرة واقعية لمحدودية مخزونات الطاقة القابلة للنفاذ وآثارها المدمرة على البيئة وحجم الطلب المتنامي على الطاقة حول العالم وأثرها على الاقتصاد العالمي والسياسة الدولية.
وتنبع أهمية الطاقة من أنها تدخل في مفهوم الموارد الاقتصادية سواء كانت بيولوجية أو فيزيائية، وعند استغلالها تعود بالنفع على الدول وشعوبها وكثير من الشواهد التاريخية تدل على ذلك، لكن كانت هذه الموارد موارد قابلة للنفاذ مثل الفحم الحجري والنفط والغاز وتسمى الموارد غير المتجددة بمعنى أنها موجودة في الطبيعة بكميات محدودة وما يستنفذ منها لا يعوض، رغم ان وجود الموارد أو احدها يشكل ثروة لأى بلد وبالتالي تؤثر على اقتصاديات هذا البلد بدءً من نوعية النشاط الاقتصادي ومسار خطط التنمية والازدهار والرفاه الاقتصادي. وينبغي أن نضع في اعتبارنا أن هذه الموارد غير المتجددة يكون لها تأثير سالب على البيئة حيث أنها تؤثر على نظم البيئة، والتلوث، واستنزاف الموارد الذى سوف يؤثر على الاجيال القادمة التي لن تجد هذه الموارد متاحة التي هي ليست ملك جيل واحد فقط، أيضاً السعي الى هذه الموارد يشعل الصراعات والحروب الاقليمية والدولية. 
ارتبط علم الاقتصاد بالموارد الاقتصادية بسبب الحاجات المعتمدة على الموارد واشباعها، وتعتبر دراسة اقتصاديات الموارد من الدراسات الحديثة في مجال علم الاقتصاد؛ وهي تعنى بدراسة الجوانب الاقتصادية للموارد والبيئة. ويعرف الاقتصاد البيئي بأنه (العلم الذى يقيس بمقاييس بيئية الجوانب النظرية والتحليلية والمحاسبية للحياة الاقتصادية بهدف المحافظة على التوازن البيئي بما يحقق النمو المستدام). وهناك تداخل قوى وعلاقة تبادلية بين ما يحقق من ارباح نتيجة تشغيل الموارد وبين تدهور البيئة مثلا بسبب استخدام واستغلال تلك الموارد وما ينتج عنها من مخلفات.
يلعب القطاع العام دورا حاسما في تهيئة بيئة الاستثمار في الطاقة المتجددة من خلال البرامج والسياسات التي تضعها الدولة، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى وزيادة جاذبية قطاع الطاقة المتجددة أمام المستثمرين من القطاع الخاص.
وتستطيع الحكومة استثمار الأموال العامة في مصادر الطاقة المتجددة، ولا سيما عن طريق مؤسسات تمويل التنمية الثنائية والمتعددة الأطراف، والصناديق الوطنية وغيرها من المؤسسات المالية الوطنية. يمكن لهذه الآليات المالية العامة أن تساعد في ضخ التمويل الأولي اللازم في قطاع ناشئ أو القطاعات التكنولوجية الجديدة، وعلى أن تتحمل الدولة مخاطر الاستثمار في هذا المجال لزيادة ثقة المستثمرين من القطاع الخاص، وتخفيض تكاليف التمويل. تتميز مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المتجددة بتكاليف تشغيل منخفضة، وعند الانتهاء من بناء منشآت التوليد، تكون هناك تكلفة إضافية قليلة لإنتاج الطاقة لكل سنة. والناس في المنازل يشترون فرن غاز وفي الوقت نفسه لا يشترون كل الغاز الذي سيستخدمه الفرن على مدى حياته. ومع ذلك، فإن هذا هو بطبيعة الحال ما هو متوقع لمعظم مصادر الطاقة المتجددة.، عكس البترول والغاز بالإضافة الى تكاليف بناء المحطات يتم شراء الحقل.
          تأتى البرازيل في مقدمة الدول التي استثمرت في هذه الطاقة حيث بلغت استثماراتها حوالى 48 مليون دولار، ثم بريطانيا 9.2 مليون دولار، والهند 7.3 مليون دولار، وباكستان 4.3 مليون دولار، والمانيا 3.7 مليون دولار، لكن لا أثر لأى استثمارات في السودان في الطاقة المتجددة خلاف الطاقة الكهرومائية التي يتعرض انتاجها الى تقلبات موسم الامطار وكذلك الخلافات بين دول حوض النيل؛ والآن فقط وقعت وزارة الموارد المائية والري والكهرباء وشركة (EMD International) الدنماركية عقدا لإعداد اطلس الرياح في السودان، نتمنى أن بداية لاستثمار واعد في استخدام الرياح لإنتاج الطاقة. أيضا هناك محاولات خجولة للاستفادة من الطاقة الشمسية في بعض الولايات التي تعانى من شح الكهرباء. أيضاً الانظمة التشريعية في السودان تعيق التقدم والاستثمار في مجال الطاقة المتجددة.
يمكن ان تلعب صناديق المعاشات، وشركات التأمين، والأوقاف، وصناديق الثروة السيادية التي تشكل معاً أكبر مصدر محتمل لرأس المال الخاص حسب الدراسات، دوراً حاسماً في زيادة استثمارات الطاقة المتجددة، حيث تدير هذه المصادر أكثر من 90 تريليون دولار أمريكي من إجمالي الأصول في البلدان المتقدمة وحدها. ونذكر هنا أن العقبة الرئيسة أمام انتشار استخدام الألواح الضوئية الشمسية تكمن في الكلفة؛ فهذا النوع من الطاقة مكلف مقارنة بالفحم أو الغاز، لكن يرى الباحثون أن الطاقة الشمسية سوف تصبح أقل كلفة بحلول عام 2025م لتصبح أرخص مصدر للطاقة في العديد من دول العالم. فمتى يستفيد السودان من مصادره المتنوعة والغنية ذات الطاقة المتجددة. 

الاثنين، 9 يوليو 2018

التنمية في السودان واقتصاد المعرفة

          إن التحولات الاساسية والكبيرة في التاريخ البشري منذ بدء الحضارات، وعصر الزراعة، والثورة الصناعية، والعصر الرقمي والتي تعرف بالتحولات الثلاث التي تعتبر انها حققت للبشرية ثورة في اسلوب الحياه نحو الرفاهية. كان يفترض أن يكون لنا في السودان منها نصيب ومصدر للازدهار والتقدم؛ من خلال ما يعرف باقتصاد المعرفة، لكن ما نراه اليوم لا يدل فقط على فشلنا في الاستفادة من اقتصاد المعرفة بل حتى مدى الاستفادة من مواردنا الطبيعية الوفيرة كمحرك للتنمية والتقدم من خلال ادارة الاقتصاد التقليدي، واذا لم نستفيد من العوامل الاقتصادية التقليدية قطعاً لن نستفيد من اقتصاد المعرفة حيث فشلنا في انتاج واستخدام المعرفة من خلال مؤسساتنا التعليمية والاكاديمية كما لا توجد لدينا شركات عاملة في مجال البحث والتطوير. فما هو مصطلح اقتصاد المعرفة؟
          ظهر هذا المصطلح في بداية ستينيات القرن العشرين لوصف تحول الاقتصاديات التقليدية الى اقتصاديات يكون انتاج المعرفة واستخدامها ذو أهمية من خلال التراكم المعرفي وتطوير العلوم والتكنولوجيا وقطاع المعلومات والاتصالات. وعرفت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) اقتصاديات المعرفة (بأنها الاقتصاديات القائمة على المعرفة المتميزة والمستندة على التوزيع والانتاج واستخدام المعارف والمعلومات والاستثمارات ذات التكنولوجيا العالية والصناعات ذات التكنولوجيا الحديثة وتحقيق مكاسب في الانتاجية المرتبطة بها). وعرف البنك الدولي اقتصاديات المعرفة من خلال أربعة أركان، الهياكل المؤسسية التي توفر الحوافز لريادة الأعمال واستخدام المعرفة، توفر العمالة الماهرة وانظمة التعليم الفعالة، والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والوصول اليها، واوساط اكاديمية مبدعة والقطاع خاص والمجتمع المدني. لا شك ان هذه الاركان الثلاثة تحقق تحولات كبيرة تؤثر على الاقتصاد وبالتالي حياة المجتمع، حيث أن المعرفة في اقتصاديات اليوم المحرك الرئيس للمنافسة وبتأثيرها على المنتجات والابتكار. لكن علينا أن نفرق بين اقتصاد المعرفة المتمثل في المعلومات حيث يعتمد الانتاج على المعلومات التي تعتبر المنتج الوحيد في الاقتصاد؛ وفي اقتصاد المعرفة تتم خدمات عمليات المعرفة التي تنتج وتصنع المعرفة بما في ذلك عمليات البحث والتطوير والابتكار وتشمل كذلك تكاليف البحث والتطوير والادارة واعداد وتطوير الموارد البشرية، والعائد من هذه التكاليف على اعتبار انها عملية اقتصادية كاملة فيها تكاليف الانتاج وعوائد الادوات المنتجة؛ اما الاقتصاد القائم والمبني على المعرفة فهو أشمل واعم ومرحلة متقدمة من الاقتصاد المعرفي، وقطاع الاقتصاد المبنى على المعرفة اوسع ويشمل قطاعات المعرفة والمعلومات والاستثمارات وتكنولوجيا المعرفة المستخدمة في الانتاج.       
          وفي عالم اليوم نجد أن الدول التي تمتلك المعرفة هي التي تحقق الريادة وتتصدر خارطة الدول المتقدمة وبالتالي تحقيق الرفاه لمواطنيها. والتنمية بمفهومها الحديث ظهرت بعد الحرب العالمية الثانية وربطت التنمية بعلم الاقتصاد في اول الأمر رغم انها ترتبط كذلك بالتنمية الانسانية، نذكر هنا ان العلامة ابن خلدون في مقدمته ذكر ان للإنسانية ثلاثة أبعاد، اقتصادية، سياسية وفكرية؛ أيضا وضع البنك الدولي مفهوم التنمية في صميم التنمية من خلال مبادرته المسماة المعرفة من أجل التنمية، على اعتبار أن الفجوة بين التنمية والرفاه الاقتصادي بين الدول المتقدمة والدول النامية يتمثل في القدرة على اكتساب المعرفة وليس في الدخل، وحدد البنك الدولي ان الفرق بين فئات المجتمع الفقيرة والغنية ليس في ضعف الموارد فحسب لكن في ضعف القدرة على انتاج المعرفة، ويعنى ذلك انه على الدول النامية التي تعاني من الأزمات الاقتصادية أن تدعم أنشطة انتاج المعرفة كدعمها لزيادة الدخل القومي من خلال جعل المعرفة وسيلة للإنتاج والتنمية الاقتصادية من خلال تقنيات المعرفة من تعليم تقني وتدريب مهني، البحث والتطوير وعمليات الابتكار، والاقتصاد وتطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
          أما حال السودان بالقياس الي مؤشرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نجد في مجال مؤشرات نظم التعليم أنه لدينا مشكلات كبيرة في مخرجات العملية التعليمية، ومكتسبات الطلاب ومساراتهم، والمؤسسات التعليمية، وموارد انظمة التعليم. اما قطاع التعليم التقني والتدريب المهني فحدث ولا حرج فهو يعانى الأمرين وينظر اليه بأنه ادنى منزلة من المساق الاكاديمي لذلك لا يدخله إلا اصحاب الدرجات المتدنية بسبب عزوف الطلاب عنه ونظرة المجتمع، لذلك نجد ان مخرجات منظومة التعليم التقني والتدريب المهني ضعيفة جداً ويظهر ذلك من خلال وضع العمالة السودانية المهنية داخل سوق العمل وعدم قدرتها على المنافسة لقلة الكفاءة المهنية بالإضافة الى عوامل اخرى نفسية واجتماعية، وتنبع أهمية التعليم التقني والتدريب المهني في أنه يرفد سوق العمل في قطاعه المهني بالعناصر ذات الكفاءة المهنية والعمالة المعرفية الوسيطة. أما مؤشر التعليم العالي، في السودان غلب عليه التوسع الأفقي والكم دون الكيف على حساب المخرجات، والبيئة التعليمية والابتكار والجودة، كما كان التوسع دون النظر الى الموارد المتوفرة وسوق العمل. أما من ناحية مؤشر تكنولوجيا المعلومات الذي يلعب دوراً محورياً ومؤثراً في المعرفة حيث يدعم جميع القطاعات المكونة للمعرفة، وتقاس مؤشرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالبنية الاساسية للشبكات ووسائل الاتصال، المحتوى الرقمي، وتعرفة الخدمة ونطاق الاتصال بالانترنت ومدى اتساعه وكل هذه المؤشرات لم ننجح فيها.
نأتي الي مؤشر الاقتصاد المعرفي حيث نجد أن حال اقتصادنا التقليدي في اسوأ حالاته، فيغيب الابتكار والابداع وايجاد الحلول لذلك يعم التخبط في السياسات الاقتصادية والنقدية. وفي الاقتصاد المعرفي يتم التوسع في استخدام الكفاءات ذات المهارات العالية مع التدريب المستمر؛ وهذا المؤشر اثر عليه سياسة التمكين، أيضا اقتصاد المعرفة فيه توازن في علاقة الدولة بقطاعات الاعمال؛ لكن اليوم الحكومة خلقت علاقة غير متكافئة بدخولها السوق ومزاحمتها للقطاع الخاص ومنافسته مما خلق عدم الثقة والتنافر بين القطاع الخاص والحكومة. واذا ارادت الحكومة اصلاح الاقتصاد واحداث تنمية مستدامة عليها أن تدعم بقوة أنشطة انتاج المعرفة.

أثر خفض قيمة الجنيه على النمو الاقتصادي

د. عمر محجوب محمد الحسين https://sudanile.com/%D8%A3%D8%AB%D8%B1-%D8%AE%D9%81%D8%B6-%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%8A%...