الاثنين، 13 يوليو 2020

مزايا وعيوب استخدام مبدأ القيمة العادلة


مزايا وعيوب استخدام مبدأ القيمة العادلة

1-              مزايا منهج القيمة العادلة
            للقيمة العادلة مزايا عديدة رغم الانتقادات التي وجهت اليها ابان الازمة المالية العالمية التي بدأت بالولايات المتحدة الامريكية في 2007م وتسارعت خطاها في 2008م ومن هذه المزايا:
أ‌-       القيمة ذات مفهوم واضح " فهي القيمة التي يمكن الحصول عليها نتيجة  لعملية تجارية  من خلال بيع أو تسوية دين "؛ بالرغم من أن بنود القيمة العادلة هي فقط تلك الاصول المحتفظ بها للمتاجرة، أو تلك المتاحة للبيع، أو تلك البنود التي اختارت المنشأة تقييمها بالقيمة العادلة.
ب‌-       القيمة العادلة اكثر شفافية بطبيعتها بالنسبة لعملية الابلاغ المالي(الافصاح الشامل) حيث تستند الى الأسعار المدرجة في الاسواق النشطة، بمعنى أنها تتطلب افتراضات أقل من تلك الافتراضات الخاصة بالتكلفة التاريخية، على سبيل المثال هي شفافة لأن تقديرها يتم بصورة علنية ومباشرة في الاسواق النشطة.
ت‌-       لدى القيمة العادلة ميزة كونها مفهوم غنى بالمعلومات، نظرا لأن قيمتها المستندة الى السوق تمثل حصيلة آراء المشاركين في السوق، وليس فقط من أحد المشاركين في السوق بينما التكلفة التاريخية قيمتها محددة من جهة واحدة.
ث‌-       يحتج معارضو القيمة العادلة بأنها تخضع لتلاعب الادارة لإظهار النتائج التي ترغب فيها في الممارسة العملية؛ لكن البديل للقيمة العادلة هي التكلفة التاريخية التي ايضا يمكن تخضع لتلاعب الادارة وبصورة اكبر وخصوصا في الاستثمارات التي تقيد بالتكلفة التاريخية التي يمكن للإدارة  أن تبيعها  في فترة معينة، حيث يتم تأجيل الاعتراف بالتغير في قيم الاصول والخصوم؛ وهي بالتالي اكثر عرضة في تطبيقها للتلاعب.
ج‌-   التطور الهائل في عقود المشتقات وفي ظل نظام قائم على التكلفة يجعلها خارج الميزانية بسبب تكلفتها الضئيلة أو المعدومة، على الرغم من أنها قد تفقد قيمتها أو تزيد قيمتها بسبب تقلبات أسعار الفوائد وأسعار الصرف والسلع. لذلك كانت القيمة العادلة هي الطريقة الوحيدة لظهور هذه المشتقات والكشف عنها في الميزانية.
ح‌-   مشاكل الأوراق المالية المختلطة أو المهجنة  والتي تحمل مزايا نوعين من الأوراق المالية في وقت واحد؛ والخاصة بتحديد الحدود بين الفئات ومشاكل السماح بإعادة التصنيف من عدمه. هذا النوع من المحافظ المالية يهتم بزيادة رأس المال مع الحصول على نتائج جيدة مقارنة بالسوق، وهذا يعني تحمل درجة معينة من المخاطر. ومشاكل هذا النوع يمكن تجنبها باتباع اساس واحد في القياس لهذه الاصول والخصوم، ومن المنطقي والواقعي ان نقول إن القيمة العادلة هي اساس القياس الموثوق به.
خ‌-   القيمة العادلة ليس لها علاقة مع ظروف الاقتصاد الاستثنائية، فهي أساس قياس يعتمد علي نشاط السوق.
د‌-    توفر القيمة العادلة معلومات أكثر موثوقية وشفافية، حيث ان السوق النشط يحدد القيمة العادلة.
ذ‌-    يؤدى استخدام القيمة العادلة الي زيادة نسب الرفع المالي والمقدرة على الوفاء بعبء الديون في أوقات الرخاء، وهذا يؤدي الى زيادة فاعلية الاسواق، حيث أن هذه النسب من النسب المهمة بالنسبة للمقرضين والمستثمرين بالإضافة طبعا للإدارة، حيث أن هذه النسب تظهر مدى مساهمة الديون (سواء ممثلة في الالتزامات القصيرة الأجل أو الطويلة الأجل) في تمويل أصول المنشأة مقارنة بمساهمة الملاك، فعن طريق نسب الرفع المالي نستطيع معرفة نسبة حقوق المساهمين وكذلك نسبة القروض أو الديون الخارجية.  
ر‌-    تطبيق محاسبة القيمة العادلة يؤدي الى تخفيف حدة الازمات المالية، وذلك لأن استخدامها يعتمد على مؤشرات السوق  حسبما افادت به عدة دراسات.
ز‌-    قيمة الشركة ومركزها المالي لا ينحصر في صافي اصولها الملموسة، فسمعة الشركة لها قيمة كبيرة وفي كثير من الاحيان تكون كبيرة جدا، فيمكن لهذه القيمة أن تظهر ضمن اصولها غير الملموسة عموما، وخاصة شهرة المحل، وهذا الإجراء ينعكس على القوائم المالية بشفافية.
س‌-   يسمح التقييم بالقيمة العادلة للمنشآت بمعرفة مدى كفاءتها في إدارة أصولها وتسييرها، ويمكن للشركة من تدارك خطر تآكل رأس المال بما يحقق مبدأ فرض الاستمرارية.
ش‌-  منهج القيمة العادلة يراعي ويعمل وفقا لمتغيرات القوة الشرائية لوحدة النقد وهى بذلك مناسبة لتحقيق مفهومي المحافظة على رأس المال النقدي والمادي الطبيعي.
ص‌-      القيمة العادلة توفر معلومات وتعطى اشارات انذار مبكر للازمات المالية الوشيكة وبالتالي يمكن اتخاذ التدابير اللازمة قبل وقوع الازمة، وهي بذلك تقلل من حدة الازمات المالية.
2-         عيوب استخدام منهج القيمة العادلة
          كما أن هناك مزايا للقيمة العادلة أيضا لها عيوب، حيث لا يوجد طريقة مثالية محددة لقياس القيمة العادلة فتداولات السوق وحركته تنعكس على أسعار السوق النشط وهذا يؤدي الي وجود تباين في تقديرات البائعين والمشترين للأوراق المالية حول مقدار التدفقات النقدية المستقبلية لهذه الاوراق والتي تعتبر أحد الطرق لقياس القيمة العادلة وفي هذه الحالة تكون القيمة العادلة متوافقة مع القيمة السوقية ولكن في حالة الأسواق المالية غير النشطة فلابد من إدخال النماذج الرياضية لحساب القيمة العادلة والتي تخضع لطريقة تصميم نموذجها وإلى الأحكام الشخصية مما يحد من قدرة النموذج على التنبؤ. ومن هذه العيوب ما يلي:
أ‌-      يلقى باللوم على القيمة العادلة في تسببها في الازمة المالية العالمية رغم اختلاف اراء المحللين الماليين والاقتصاديين في تحديد سبب نشوء الازمة المالية، ولكن يرى كثير من الكتاب أن المشكلة ليست في القيمة العادلة ولكن في استخدام القيمة العادلة.
ب‌-    القيمة العادلة هي قيمة افتراضية يتم تحديدها طبقا لأسعار السوق، وأسعار السوق تخضع الى كثير من العوامل التي تؤثر عليها مثل العرض والطلب ومدى توفر المعلومات اللازمة لتحديد الأسعار بشفافية. ويرى الباحث ان اخضاع القيمة العادلة لأسعار السوق اكثر عدلا ولا يعتبر نقص في كفاءة القيمة العادلة.
ت‌-       صعوبة تحديد القيمة العادلة لبعض البنود مثل بنود المشتقات والتي اصبحت في الآونة الاخيرة ذات حجم كبير جدا من جملة الاستثمارات.
ث‌-       احيانا قد تتعدد القيمة العادلة لبند واحد من البنود في السوق الواحد أو الأسوق الاخرى، بسبب ندرة المعلومات عن السوق أو ان البند قابل لأكثر من تصنيف.
ج‌-   عدم تحديد القيمة العادلة بدقة يؤدى الى انتشار عدوى المحاكاة بين الاسواق سواء كان انخفاضا أو هبوطا، وبالتالي تكون القيمة العادلة قد بعدت عن عدالتها المرجوة.
ح‌-   تطبيق أساس القيمة العادلة قد يؤدى الى تضخيم الارباح خصوصا في حالات ارتفاع الأسعار.
خ‌-   في ظل تقلبات الأسعار والتقييم بالقيمة العادلة تكون هناك اختلافات كبيرة بين سنة وأخرى مما يؤثر على خاصية القابلية للمقارنة، وتصبح عملية التحليل المالي للقوائم المالية معقدة.
د‌-     ان القيمة العادلة وزيادة وخفض قيمة الاصول تسمح بزيادة الرافعة المالية للبنوك في اوقات الازدهار المالي، وهذا يجعل النظام المالي هشا واكثر ضعفا وعرضة للازمات المالية، بينما القيمة التاريخية تخلق احتياطيات خفية يمكن الاستفادة منها والاعتماد عليها في اوقات الأزمات.
ذ‌-    إن القيمة العادلة غير مسيلة (Illiquid Value)، حيث أنها تتعلق بمنتجات التوريق المالي (Securitization) الذي يسعى فيه المستورق للحصول على النقود (السيولة) لا المتاجرة بالسلعة، أو الانتفاع بها، لان حاجته إلى النقود لا تسد إلا بذلك، وبموجب التوريق يتم تحويل قروض مصرفية إلى أوراق مالية قابلة للتداول، وحسب رأى كثير من الكتاب تؤدي عملية التوريق إلى العديد من المخاطر على النحو التالي:
1-     يتم تحويل رهون الديون إلى أوراق مالية قابلة للتداول، وهذا ما حدث في الأزمة المالية الأخيرة في الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة الرهون العقارية الأقل جودة (subprime)، حيث كان المواطن الأمريكي يشتري عقاره بالدين من البنك مقابل رهن هذا العقار، حين يرتفع ثمن العقار المرهون يحاول صاحب العقار ونتيجة لسهولة الحصول على قرض فإن صاحب الرهن يسعى للحصول على قرض جديد، وذلك مقابل رهن جديد من الدرجة الثانية، لذلك تسمى الرهون الأقل جودة، لأنها رهونات من الدرجة الثانية، أي أنها أكثر خطورة في حال انخفاض ثمن العقار، وتوسعت البنوك في هذا النوع من القروض الأقل جودة مما رفع درجة المخاطرة في تحصيل تلك القروض.
2-     أن الأوراق المالية التي تحدد أسعارها بناء على المستوى الثاني قد حدث انخفاض كبير في قيمتها نتيجة للانخفاض الحاد في أسعار الأرقام القياسية؛ حتي أن الانخفاض لم يبرر بسبب اقتصادي هام.
أ‌-    لن تعكس القيم العادلة الأسعار الحقيقية التي كانت سائدة في الأسواق المالية بسبب عدم توازن العرض والطلب.
ب‌-   عدم وجود علاقة بين القيمة العادلة التي يتم تحديدها في الأسواق المالية وإمكانية تولد تدفقات نقدية في المستقبل مساوية للقيمة العادلة أو قريبة من البند الذي تم تحديد قيمته خاصة في أزمات تبخر السيولة وفقدانها.
ر‌-   في كثير من الأحيان يقوم مفهوم القيمة العادلة علي مفهوم التدوير الصوري (procyclicality) أو التقلبات الدورية (countercyclical) وهو مصطلح يستخدم لوصف كيف ترتبط الكميات الاقتصادية بالتقلبات الاقتصادية وتضمن هذا المفهوم المخاطر التالية:
1-  فشل مفهوم دلالة الأسعار السوقية على البنود لأنها عكست أفضل مركز مالي في قمة الدورة الاقتصادية، وأسوأ مركز مالي في أدنى الدورة الاقتصادية، ويرجع السبب في ذلك إلى الأسواق المالية غير الكفؤة حتى في الظروف الاقتصادية العادية.
3-   اضطرار البنوك إلى تكوين احتياطيات ضخمة في أوقات الرخاء وتحقيق الأرباح واضطرارها إلى استخدامها في أوقات الشدة، ويحدث ذلك ليس عن طريق النظم والقواعد المحاسبية بل يحدث ذلك عن طريق تعديل الأنظمة واللوائح.
ز‌-   عدم قدرة كثير من الشركات والمؤسسات المالية العالم الثالث من تحمل تكاليف ونفقات تطبيق مبدأ القيمة العادلة؛ فغالبية هذه الشركات والمؤسسات صغيرة أو متوسطة الحجم و صغيرة أأأنن  منتمنمنوتحمل اية تكاليف اضافية سوف يؤدى الى اخراجها من دائرة المنافسة محليا وعالميا.
المراجع:

1.       Richard Aitken-Davies, Fair Value: AN ACCA Policy paper, The Association of Chartered Certified Accountants,     February 2009.P.P.3-4. www.accaglobal.com/economy
2.       خالد الجعارات ومحمود الطبرى، مرجع سابق، ص 242
3.      Christian Laux and Christian Leuz, Did Fair-Value Accounting Contribute to the Financial Crisis?,    Center for    Financial Studies. CFS Working Paper No. 2009/22,October 2009.P.8
4.       خالد الجعارات ومحمود الطبرى، مرجع سابق ص 242
5.        الجمعية السعودية للمحاسبة، المعلومات المحاسبية ودورها في أسواق الأسهم،( جامعة الملك سعود، 2005م)، ص23.
6.       Laux and Leuz, Did Fair-Value Accounting Contribute to the Financial Crisis?, Op.cit.,p.p.24-31
7.       حازم الخطيب وظاهر القشي، مرجع سابق ص25
8.      فريد زعرات، معالجة القوائم المالية من آثار التضخم وفقا للمعايير المحاسبية الدولية، رسالة ماجستير غير منشورة، (جامعة سعد دحلب بالبليدة: الجزائر 2009)، ص 135
9.      محمد مطر، مبادئ المحاسبة المالية الدورة المحاسبية ومشاكل الاعتراف والقياس والإفصاح، (عمان: دار وائل للنشر، ط4،2007 )،ص. 361
10.     Christian Laux. Christian Leuz. The Crisis of Fair Value Accounting: Making Sense of  the Recent Debate, The University of Chicago, Booth School of Business, Working Paper No. 33(2009).p.9.
11.    DAVID PROCHÁZKA, THE ROLE OF FAIR VALUE MEASUREMENT IN THE RECENT  FINANCIAL CRUNCH, PRAGUE ECONOMIC PAPERS, 1, 2011.p.75
12.    رشيد بوكساني، نسيمة أوكيل، حمزة العرابي، مبدأ التكلفة التاريخية بين الانتقاد والتأييد في ظل توجه المعايير المحاسبية الدولية نحو القيمة السوقية العادلة، الملتقى العلمي الدولي الأول حول النظام المحاسبي و المالي الجديد في ظل المعايير المحاسبية الدولية،  المركز الجامعي بالوادي، الجزائر، 17 18 يناير 2010م، ص 7
13.   المرجع السابق نفسه.
14.  Laux. & Leuz, Did Fair-Value Accounting Contribute to the Financial Crisis?, Op. cit.,p.9
15.  خالد الجعارات، محمود الطبرى، مرجع سابق، ص 252
16.  Christian Laux and Christian Leuz, The Crisis of Fair Value Accounting: Making Sense of the Recent Debate .Op. cit.,p.p.3-5
17.    حازم الخطيب وظاهر القشي، توجه معايير المحاسبة نحو القيم العادلة والدخل الاقتصادي وأثر ذلك على الاقتصاد، مجلة جامعة الزيتونة الاردنية، عمان، م2 ،ع2 ،2004م، ص




الأربعاء، 8 يوليو 2020

أثر الافصاح عن القيمة العادلة على التقارير المالية

أثرالافصاح عن القيمة العادلة على التقاريرالمالية 

تعتبر التقارير المالية ذات اهمية بالغة لدى مستخدميها حيث أنها مؤشر مهم لعملية اتخاذ القرارات المالية، لذلك ونظراً لأهميتها وضعت معايير دولية لإعداد التقارير المالية تكون بمثابة مرشد عام للمحاسبة الدولية التي من مهامها اعداد المعلومات المالية عن المنشآت المالية. وتنبع أهميه القوائم المالية من أنها تعتبر حلقه وصل بين الشركة الأطراف ذات العلاقة، والاطراف الخارجية واداة لتوصيل المعلومات إليها، حيث تستطيع هذه الاطراف التعرف على مختلف جوانب نشاط المنشأة ونتيجة أعمالها من خلال هذه القوائم، فقائمه المركز المالي تعكس صورة الوضع المالي للشركة كما تعكس قائمة الدخل نتيجة  أعمال الشركة خلال فتره زمنيه محددة إن كانت ربحاً أو خسارة، ويمكن التعرف على التغير في المركز المالي من خلال دراسة قائمة مصادر الأموال واستخداماتها.
وتُعد القوائم المالية مصدراً أساسياً ومهماً للمعلومات ذات الخصائص النوعية التي تمكن المستفيدين من اتخاذ القرارات السليمة؛ وتُعرف القوائم المالية المنشورة "بأنها مجموعه من البيانات المالية الأساسية التي تصدرها الشركات المساهمة مرتبة في جداول، تعد وفق مواصفات معينه وذلك بموجب مجموعه من المفاهيم، والمبادئ المحاسبية، وعلى أساس منطقي وبصوره منسقه". والتقارير المالية تعتمد اعتماداً كلياً على مستوى الافصاح فيها وقواعده؛ ونذكر هنا أن التقارير المالية لا تتضمن فقط القوائم المالية ولكنها تشمل جميع الوسائل التي يستقاد منها في توصيل المعلومات التي يكون النظام المحاسبي بشكل اساسي هو مصدرها [1].
تشكل المعلومات المالية بالنسبة للمستثمرين أهمية كبيرة خاصة تلك التي تتعلق بصورة مباشرة بالمنشأة كالمعلومات المتعلقة بمقدار التدفقات النقدية المتوقعة وتوليدها، وأسعار الاسهم والسندات ومستثمرو أسواق الاسهم يسعون الى معرفة القيمة العادلة للأسهم والسندات؛ أيضا تلك المعلومات المتعلقة بالقيمة العادلة لحقوق الملكية، والمشتقات المعقدة المصممة خصيصاً للمنشأة. والمعلومات المالية ذات اهمية باعتبارها المكون الرئيس للتقارير المالية، وهى كافة المعلومات المستخدمة في اتخاذ قرارات الاستثمار والاقراض ؛ وهي ايضا معلومات يجب تقديمها وفقاً للمبادئ المحاسبية المقبولة قبولاً عاماً ومتطلبات المعايير المحاسبية التي تصدرها الجهات المهنية؛ ومعلومات يتم الافصاح عنها اختيارياً، ايضا هناك معلومات تقدم حسب الطلب، ومعلومات بالقوائم المالية، ومعلومات في شكل ملاحظات بالقوائم المحاسبية. وحالياً اصبحت المعلومات ليس مجرد اداء لالتزام فرضته المعايير المحاسبية والقوانين حيث اصبحت المعلومات للمؤسسات الناجحة والمتميزة مقياساً للأداء الحالي والمستقبلي، وبالتالي هي اثبات للتميز في الاداء وانعكاس له [2]. تقاس جودة المعلومات المحاسبية بمقدار الاستفادة منها وبمقدار توفر الخصائص النوعية اللازمة. وينبغي أن نفرق بين البيانات المحاسبية التي هي عبارة عن حقائق وارقام لم يتم تحليلها، والمعلومات المحاسبية هي البيانات التي تم معالجتها لتصبح في صورة اكثر نفعاً واوضح واكثر واقعية للمستخدم بما يحقق له الادراك الكامل عن ماهيتها حالياً ومستقبلاً.
مفهوم الافصاح وأهميته
يعتبر الإفصاح الكامل جزءاً من الإطار المفاهيمي للمحاسبة، فقرار الإبلاغ عن معلومات من عدمه يتبع الأهمية النسبية للمعلومات المطلوب نشرها؛ والتي من شأنها التأثير على حكم وقرار الجهات المستخدمة لهذه المعلومات.
تأتي أهمية الافصاح من دوره في توفير المعلومات الملاءمة عن المنشأة التي اعدت هذه القوائم، ليستفيد منها مستخدمي المعلومات المحاسبية لاتخاذ القرارات المالية والاقتصادية بشأن المنشأة حيث تمنحهم هذه التقارير مؤشرات ودلالات عن الوضع المالي السابق والحالي والمستقبلي بما يحقق التنبؤ السليم عن التدفقات المالية للمنشأة ومدى قدرتها على الوفاء بالتزاماتها [3]
للإفصاح معانٍ كثيرة لكن سوف نتطرق لمعناه وتعريفه المحاسبي والمالي، ركز بعض الباحثين في تعريف مفهومه على غرضه من حيث ايضاح وكشف المعلومات المالية، أيضا تطرق كثير من الكتاب والباحثين إلي مفهوم الإفصاح من ناحية أهميته في اتخاذ القرارات، فعرفوه بأنه نشر المعلومات الضرورية للفئات التي تحتاجها وذلك لزيادة فعالية العمليات التي يقوم بها السوق المالي، حيث أن الفئات المختلفة تحتاج للمعلومات لتقييم درجة المخاطرة التي تتعرض لها الشركة للوصول إلى القرار الذي تستطيع من خلاله تحقيق أهدافه والتي تتناسب مع درجة المخاطرة التي ترغب بها [4].
وعرف الافصاح "بأنه إظهار القوائم المالية لجميع المعلومات الأساسية التي تهم الفئات الخارجية عن المشروع بحيث تعينها على اتخاذ القرارات الرشيدة" [5].
          وعرف الافصاح بانه " شمول التقارير المالية على المعلومات اللازمة والضرورة لإعطاء مستخدمي هذه التقارير صورة واضحة وصحيحة عن الوحدة المحاسبية" [6].
          كما عرف من ناحية متطلبات عرض المعلومات وفقاً للمبادئ المحاسبية المتعارف عليها وجاء فيه "بأن متطلبات عرض المعلومات في القوائم المالية وفقا لمبادئ المحاسبة المتعارف عليها تقضي بتوفر عنصر الإفصاح المناسب في هذه القوائم وذلك بشأن جميع الأمور المادية (الجوهرية)" وعنصر الإفصاح المقصود هنا على صلة وثيقة بشكل ومحتوى القوائم المالية وبالمصطلحات المستخدمة فيها، أيضا بالملاحظات المرفقة بها، وبمدى ما فيها من تفاصيل تجعل لتلك القوائم قيمة إعلامية من وجهة نظر مستخدمي هذه القوائم [7].
وهناك الكثير من التعاريف عن الإفصاح وأهميته فمنها ما يتناول الإفصاح في التقارير المالية من حيث أنه عرض للمعلومات المهمة للمستثمرين من الدائنين وغيرهم من المستفيدين بطريقة تسمح بالتنبؤ بمقدرة المشروع على تحقيق أرباح في المستقبل وقدرته على سداد التزاماته وأن كمية المعلومات التي يجب الإفصاح عنها لا تتوقف على مدى خبرة القارئ ولكن على المعايير المرغوبة للإفصاح (الإفصاح الكامل – الإفصاح الكافي – الإفصاح المقبول) [8]، كما أن هناك من يربط بين درجة الإفصاح وتخفيض حالة عدم التأكد لدى المستفيدين من خلال نشر كل معلومات اقتصادية لها علاقة بالمشروع سواء كانت معلومات كمية أو معلومات أخرى تساعد المستثمر على اتخاذ قراراته وتخفض من حالة عدم التأكد لديه عن الأحداث الاقتصادية المستقبلة [9].
من خلال هذه التعاريف يمكن القول بأن الافصاح هو التصريح بشفافية عن كافة المعلومات ذات الخصائص النوعية والمتعلقة بأعمال المنشاة، السابقة والحالية والمستقبلية على ضوء المعايير المحاسبية واطر المحاسبة المفاهيمية والانظمة والقوانين المنظمة لعملية الافصاح. والمحاسبة تعمل كنظام للمعلومات من معالجة البيانات وتقديمها كمعلومات من خلال التقارير والقوائم المالية وتوصيلها الى مستخدمو المعلومات الذين يتخذون القرارات المالية المناسبة من خلال تقييم الوحدة المحاسبية من خلال تلك المعلومات.
وهناك أمر هام جداً وهو أن يشتمل الافصاح حتى على المعلومات التي لا يؤدي عدم الافصاح عنها تغير جوهري في اتجاهات قرارات مستخدمي القوائم المالية. وكثير من الأزمات المالية العالمية حدثت نتيجة لعدم كفاية المعلومات والبيانات المفصح عنها، وهذا ما واضحته نتائج الأزمة المالية العالمية التي كان أحد اسبابها عدم دقة البيانات المفصح عنها. وكثير من دراسات الأخيرة اولت اهتماماً لممارسات  البنوك وشركات التأمين فيما يتعلق بالإفصاح خلال الأزمة المالية ومستوى الكشف عن المخاطر ومحدداته. الأزمة المالية الأخيرة أثارت العديد من الأسئلة فيما يتعلق بممارسات الافصاح من قبل المؤسسات المالية. ومع ذلك، فإن الأدبيات حول تأثير هذا (التسونامي المالي) على المؤسسات المالية لا تزال محدودة للغاية لأن بعض الأوراق والدراسات العلمية تركز على دور محاسبة القيمة العادلة في حدوث الأزمة المالية. على سبيل المثال، حقق Barth & Landsman في العلاقة بين الأزمات المالية والتقارير المالية الخاصة بالقيمة العادلة وتوريق الأصول والمشتقات والخسائر الناتجة عن القروض واحتياطات البنوك؛ ووجدوا أن محاسبة القيمة العادلة لم تلعب دوراً في الأزمة المالية إلا من خلال الاستخدام السيئ لقياسات القيمة العادلة [10]؛ ويطرح سؤال مهم وهو هل تزيد مستويات الإفصاح أو تنخفض خلال الأزمات المالية ؟.
في العشرة أعوام الأخيرة؛ أصدر مجلس معايير المحاسبة المالية الأمريكي كثيراً من المعايير المحاسبية التي تحتوي بجوهرها كثيراً من الجوانب التي تعلق بالإفصاح، ومن أسباب ازدياد متطلبات الإفصاح الآتي: 
1.    التعقيد في بيئة الأعمال: حيث أن تلخيص كافة الأحداث الاقتصادية في إبلاغ أو تقرير ملخص في بيئة مليئة بالتعقيدات ليعتبر عملية صعبة، خاصة في بعض المجالات؛ مثل المشتقات المالية والتأجير واندماج الأعمال والتقاعد واتفاقيات التمويل وعمليات الاعتراف بالإيراد وقضايا الضرائب المؤجلة، لذا؛ فكثيرٌ من الإيضاحات والتفسيرات تستخدم بشكل موسع لتفسير هذه العمليات وتأثيراتها المستقبلية المتوقعة.
2.    الحاجة للمعلومات في الوقت المناسب: فالمستخدم يحتاج لمعلومات جارية وفعالة ولها قيمة تنبؤية دائماً، فعلى سبيل المثال؛ يحتاج المستخدم إلى إبلاغ مالي مرحلي مكتمل، ونشرات مالية تحليلية ودورية وتنبؤية.
3.    استخدام المحاسبة كوسيلة رقابة وإشراف: حيث تتطلب الجهات الحكومية الإبلاغ والإفصاح عن معلومات لها تأثيرات مستقبلية؛ مثل مكافآت الإدارة واتفاقيات التمويل خارج الميزانية والعمليات مع الأطراف المرتبطة بالمنشأة.
و يرى كثيرٌ من الباحثين بأن توفير الإفصاح في القوائم المالية يستوجب إعادة النظر في كثير من المفاهيم والأعراف التي تحكم إعداد القوائم، والخطوة الأولى التي يرونها في ذلك تتمثل في إعادة ترتيب الأهمية النسبية للخواص أو المعايير المتعارف عليها للإفصاح عن المعلومات المحاسبية؛ باعتبار أن خاصية الملاءمة هي المعيار الرئيسي الذي يجب أن يتمحور حولها معيار الإفصاح المناسب مما يجعل من الضروري حسب رأي (, 1992 Bedford) إجراء نوع من المقايضة بين خاصية الملاءمة من جهة والخصائص الأخرى للمعلومات والتي تمثل قيداً على ملاءمتها كالموضوعية والقابلية للتحقق والأهمية النسبية من جهة أخرى.






[1] سمير محمد الشاهد، طارق عبدالعال حماد، قواعد إعداد وتصوير القوائم المالية للبنوك وفقاً لمعايير المحاسبة الدولية، (بيروت: اتحاد المصارف العربية، 2000م)، ص 23-25  .
[2] محمد سمير الصبان وآخرون، القياس والتحليل المحاسبي، (الاسكندرية: دار التعليم الجامعي للطباعة والنشر والتوزيع، 2013م)، ص 2-5  .

[3] محمد مطر، محمد السيوطي، التأصيل النظري للممارسات المهنية المحاسبية في مجالات القياس، والعرض، والافصاح، (عمان: دار وائل للنشر، ط3،2012م )، ص 339.

[4]  خالد أمين عبد الله، " الإفصاح و دوره في تنشيط التداول في أسواق رأس المال العربية"، مجلة القانون العربي، العدد 92، اكتوبر 1995م، ص 38.
[5]  المرجع السابق نفسه، ص 38-40.
[6] عباس مهدي الشيرازي، نظرية المحاسبة، (الكويت: دار ذات السلاسل، ط1، 1990م)، ص 322 
[7]  محمد مطر، "تقييم مستوى الإفصاح الفعلي في القوائم المالية المنشورة للشركات المساهمة العامة في ضوء قواعد الإفصاح المنصوص عليها في أصول المحاسبة الدولية"، مجلة دراسات الجامعة الأردنية، اكتوبر 1990م، ص 119.
[8]  الراوي حكمت، المحاسبة الدولية، (عمان: دار حنين،ط2، 1995م)، ص 163-193.
[9] خالد أمين عبد الله، مرجع سابق، ص 38-40.
[10]  Barth, M. E., Landsman, W. R., (2010). How did Financial Reporting Contribute to the Financial Crisis? European Accounting Review, vol. 19, n. 3, pp. 399-423.

     


الأحد، 5 يوليو 2020

What is an Escrow Account?

What is an Escrow Account?

An escrow is a financial arrangement where a third party holds and regulates payment of the funds required for two parties involved in a given transaction. It helps make transactions more secure by keeping the payment in a secure escrow account which is only released when all of the terms of an agreement are met as overseen by the escrow company.

Understanding Escrow
Buying a House, built a Web site (transaction where a large amount money is involved, a certain number of obligations need to be fulfilled before a payment is released). Are you opting for a construction-linked plan? Or built a Web site? The property or the Web site isn’t ready so you don’t have to pay the whole amount. The seller, however, would need an assurance that the amount will be disbursed, and in this case it makes sense to create a central (Account) where the funds are held. All that brings us to Escrow Account. An escrow account is a temporary pass through account held by a third party during the transaction process between two parties. Escrows operate until a transaction process is completed after all the conditions between the buyer and the seller are settled.
From an escrow account, the amount is not transferred to the seller until the project is completed. Often the construction-linked payments are disbursed to the seller from the escrow account so that there are sufficient funds for completing the project.
The seller benefits through this process, also called waterfall mechanism where in the priority based payment are made to the parties concerned.


Escrow Account reduces the risk of fraud by acting as a trusted third-party that collects, holds and only disburses funds when both Buyers and Sellers are satisfied.

الخميس، 23 أبريل 2020

القطاع المصرفي وضعف المساهمة الائتمانية في التنمية

القطاع المصرفي وضعف المساهمة الائتمانية في التنمية


            ربطت دراسات عدة بين التطور المالي والنمو الاقتصادي، وهي دراسات مهمة ابرزها دراسة Joseph Schumpeter  الذى اشتهر بنظرياته حول التنمية والدورات الاقتصادية؛ وأشار في كتابه (نظرية التنمية الاقتصادية) عام 1911م إلى أن القطاع المالي له بالغ الأثر في تعزيز النمو الاقتصادي؛ حيث قال "يتوقف النُّمو على عاملين أساسين، الأول هو المنظم، والثاني هو الائتمان المصرفي الذي يقدم للمنظم إمكانيات التجديد والابتكار "؛ والتجديد والابتكار يولد موجة من الاستثمارات التى تشغل المصانع، وتدفق السلع إلى الأسواق، وتبدأ موجة من الازدهار وزيادة في الدخل؛ وهذا الابتكار والتجديد يدفعه زيادة الائتمان المصرفي، وهذا يدل على مدى اهمية القطاع المصرفي لعمليات التنمية الاقتصادية.
            القطاع المصرفي في السودان مسه كغيره من القطاعات الفساد والترهل وداء السمعة، داء التعثر، داء الفساد، داء الاداء الاداري والمهني الضعيف، العقوبات الامريكية التى تضمنت حظراً على جميع أنواع المعاملات التجارية والمالية مع السودان. النتيجة الحتمية تدنى الكفاءة المصرفية؛ وهذا الركام تحته أرقام تحكى وضع هذا القطاع وضعف اسهامه في التنمية وعجلة الانتاج والاستقرار الاقتصادي، وتقارير عام 2016 اشارت الى أن موجودات البنوك في السودان تمثل نسبة 13,3 في المائة من جملة الناتج المحلى الاجمالي، وهي نسبة تشير من جانب الى ان الفرصة كبير امام البنوك لمزيد من النمو والتوسع في حجم الناتج المحلى؛ لكن من جانب آخر يشير معدل القروض كنسبة من الناتج من المحلي الإجمالي في السودان الى تدنيه بصورة واضحة  بالمقارنة مع دول مثل لبنان 247 في المائة، الأردن بنسبة 96 في المائة، في دولة الإمارات العربية المتحدة 78 في المائة، المملكة العربية السعودية 40 في المائة، اما في المملكة المتحدة تشكل القروض ما نسبته 153 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي؛ اما القروض تعادل نسبة 10 في المائة من الناتج المحلى الاجمالي وهذا دليل واضح على ضعف مساهمة الائتمان المحلي المقدم إلى القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، اذا علمنا ان المتوسط بلغ 52.6 في المائة في الدول العربية حسب بيانات البنك الدولي. وتعكس هذه النسبة المتدنية ضعف مساهمة القطاع المصرفي السوداني في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويدل على ذلك  اولاً عدد فروع هذه البنوك في كل ولاية من ولايات السودان والحجم الكلى لإنتاج كل ولاية ؛ فعدد الفروع داخل ولاية الخرطوم يمثل 34 في المائة من إجمالي الفروع، بينما عدد الفروع في الولاية الوسطى مثل 19 في المائة، وفي الولاية الشرقية 12 في المائة، وفي الولاية الشمالية 10 في المائة، وولاية كردفان 10 في المائة، وولاية دارفور 8  في المائة؛ ونلاحظ أن الولايات الاكثر انتاجاً في المجال الزراعي والرعوى هي الاقل نصيبا من عدد الافرع، صحيح أن العاصمة مركز ثقل اقتصادي لكن الفرق كبير في نسبة عدد الفروع  بينها وبين مراكز الانتاج الزراعي والحيواني.
            اما في تمويل القطاعات الاقتصادية ونصيبها من مجمل الائتمان المصرفي الممنوح بالعملة المحلية فيظهر النسب الآتية حسب تقارير الربع الثاني لعام 2019م، قطاع الزراعة نسبة 12 في المائة، قطاع التشييد والتجارة المحلية على التوالي حوالي 11 في المائة و8 في المائة من مجمل الائتمان المصرفي، وحوالي 23 في المائة لقطاع الصناعة، و7 في المائة لقطاع النقل والتخزين، وحوالي 2 في المائة لقطاع الواردات، و10 في المائة للصادرات، وحوالي 2 في المائة للتعدين، التجارة المحلية 8 في المائة، و25 في المائة  لقطاعات اخرى.
            من جانب آخر لا يزال السودان يسجلّ أحد أدنى المستويات في المنطقة العربية في ما يخصّ الشمول المالي، بعد اليمن والصومال والعراق وجيبوتي ومصر، حيث لا تتجاوز نسبة المتعاملين مع القطاع المصرفي أو المؤسسات المالية الرسمية 15.3 في المائة من إجمالي السكان البالغين (فوق سن الـ15 عاماً)، وتنخفض هذه النسبة إلى 10 في المائة عند النساء، وفقاً لبيانات البنك الدولي الصادرة عام 2014. كما بلغت نسبة البالغين الذين اقترضوا من المصارف التجارية أو من المؤسسات المالية حوالي 4.2 في المائة فقط؛ إن ضعف الشمول المالي قوض بصورة كبيرة تعبئة المدخرات والحد من الفقر، حيث انخفض الائتمان المقدم للقطاع الخاص بنسبة 52.3 في المائة إلى 6.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2016، وذلك من الدرجة القصوى التي بلغها في عام 2012، أيضا أدى غياب سوق بين البنوك إلى استمرار وجود احتياطيات فائضة. من جانب آخر ادت عمليات ضخ الاصول لإعادة رسملة البنوك الضعيفة إلى امتلاك البنك المركزي والحكومة بشكل كامل أو جزئي لحوالي 41 في المائة من البنوك. من جانب آخر ومن غريب الأمر لا تملك البنوك السودانية أي رأس مال في أي من تكتلات أو امتيازات قطاع النفط والغاز، الذى تم تمويله من قبل المستثمرين الأجانب من خلال اتفاقيات تقاسم الإنتاج (PSA)؛ واكتفت البنوك فقط بتقديم الخدمات المصرفية التقليدية لبعض المقاولين المحليين الذين يخدمون صناعة النفط. اما المعاملات الإلكترونية تعتبر متخلفة فيما يتعلق بالمنتجات غير المالية حيث لا يزال القطاع المصرفي في السودان بحاجة إلى تطوير وتحسين كبير في مجال التكنولوجيا المصرفية بشقيها.

            إن التمويل أحد اهم عناصر تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، فليس من الممكن أن نحصل على وسائل الانتاج التي تتحول من رأس مال نقدي الى رأس مال منتج دون التمويل المصرفي الذي يعتبر محركا لعجلة الاقتصاد ويلعب دوراً حاسماً في ازدهار اقتصاد أي دولة من خلال تمويل الانتاج، الاستهلاك، وتسوية المبادلات. في ظل الظروف الاقتصادية الحالية فهل من الممكن ان نري وحدات مصرفية لديها القدرة على الاسهام في التنمية الاقتصادية ام أن الأمر رهين بالوضع السياسي والاقتصادي وسياسات البنك المركزي وقدرته على الرقابة ومدى ثبات قيمة الجنيه السوداني، ومألات الوضع الاقتصادي العالمي بعد أزمة فيروس كورونا.

الثلاثاء، 14 أبريل 2020

الاقتصاد العالمي ما بعد كورونا


الاقتصاد العالمي ما بعد كورونا

د. عمر محجوب الحسين
يجمع الخبراء حول هشاشة الوضع الاقتصادي العالمي واتجاهه نحو الركود، و شهد العقد الماضي سلسلةٌ من الأزمات الاقتصادية والصدمات السلبية الواسعة النطاق، بدءا من الأزمة المالية العالمية للفترة 2008-2009، تلتها أزمة الديون السيادية الأوروبية للفترة 2010-2012م، وإعادة تنظيم الأسعار العالمية للسلع الأساسية للفترة 2014-2016م؛  ثم حروب الرئيس ترامب مع الصين، المانيا وفنزويلا وتدخله لنقض غزل وفض شراكة الاتحاد الاوربي، وازمته مع تركيا؛ خاصة وأن اقتصاديين يحذرون من أن التأثيرات الاقتصادية للحرب ستكون واسعة وسلبية، بما في ذلك انخفاض النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم والبطالة في البلدان الغربية؛ اذا لم يتعافى الاقتصاد العالمي مطلقا منذ 2008م، حتى سقط الاقتصاد العالمي في مستنقع أزمة كورونا العاصفة، ومشكلة تدنى اسعار النفط الذى يعانى من انهيار الطلب العالمي على النفط بسبب انتشار فيروس كورونا، وفشل روسيا والسعودية في الاتفاق كان من اول تداعياته هبوط أسعار النفط في أسواق آسيا بأكثر من 20 في المئة، فيما سماه محللون بداية حرب أسعار بين المنتجين الرئيسيين، ثم تلى ذلك الهبوط الدراماتيكي للبورصات العالمية، في ظل اقتصاد عالمي بدلاً من ان يتعزز انساق نحو توقعات غير مبشرة بدءاً من عام 2018م، رغم أن التوقعات كانت تشير الى انه ربما تتحسن ظروف الاستثمار بشكل عام، بفضل انخفاض حدة التقلبات المالية، وتراجع هشاشة القطاع المصرفي، والانتعاش في بعض قطاعات السلع الأساسية، وبفضل توقعات عالمية أقوى للاقتصاد الكلي؛ لكن ارتفاع مستوى عدم اليقين في مجال السياسات، وارتفاع مستويات الديون يحولان دون انتعاش محددات الاستثمار؛ حيث أن عدد من أوجه عدم التيقن والمخاطر باتت واضحة، لاسيما في مجال السياسات الذي ألقي بظلاله على آفاق التجارة العالمية. من جانب آخر حذر مجلس الاحتياط الفدرالي الأمريكي يوم الأربعاء الماضي من أن الغموض الجيوسياسي هو العامل الرئيس وراء قراره خفض أسعار الفائدة بواقع نصف نقطة تصل إلى 1.25 في المائة،  ايضاً ذكر مجلس الاحتياط إن الغموض حول الاتجاه الذي يمكن أن تسير به الحرب قد بدأ يقلص من الاستثمارات والإنفاق الاستهلاكي، وأصاب الأسواق المالية بالخمول. كما حذرت شركات الطيران البريطانية من أنّ قطاع الطيران في المملكة المتحدة قد لا ينجو من وباء كورونا من دون دعم مالي طارئ؛ وشهدت أسعار الأسهم عالميا أسوأ أداء لها منذ الأزمة الاقتصادية التي وقعت عام 2008، وهو جعل البعض يصف يوم الهبوط بـ"الاثنين الأسود". وأغلقت المؤشرات المالية الرئيسية في الولايات المتحدة أول أيام التداول الأسبوع الماضي بخسائر تجاوزت 7 في المئة، في حين بلغت خسائر الأسهم الرئيسية في بورصة لندن حوالي 8 في المائة؛ وتكررت تلك الخسائر الكبيرة في أوروبا وآسيا إثر الخلاف بشأن تخفيض إنتاج النفط لتعزيز الأسعار، وكانت أسعار الأسهم تتراجع فعلياً بسبب المخاوف المصاحبة لانتشار فيروس كورونا عالميا، وتعرضت الأسهم في مؤشرات البورصة الرئيسية بالولايات المتحدة لهبوط حاد في مستهل عمليات التداول، وهو ما دفع الجهات التنظيمية إلى وقف التعامل لحوالي 15 دقيقة؛ بدأ الأثر السلبي لتفشي وباء كورونا في دول آسيا يتضح مع إصدار سنغافورة الأرقام الأولية للنمو الاقتصادي للربع الأول من العام؛ ويبدو أن سنغافورة تسير الآن صوب أول ركود اقتصادي تتعرض له البلاد العام منذ عقدين، كما تشير الأرقام إلى أن الاقتصاد العالمي أيضا بصدد أن يشهد تراجعا حادا، فقد حذر صندوق النقد الدولي من ركود اقتصادي عالمي أسوأ من الركود الذي شهده العالم عقب الأزمة المالية عام 2008؛ وذكرت تقارير سنغافورة إن الناتج المحلي الإجمالي انكماشاً مقدار 2.2 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، بينما تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 10.6 في المئة مقارنة بالربع الأخير من العام، ويعد ذلك أكبر تراجع سنوي يشهده الاقتصاد في سنغافورة منذ عام 2009، في منتصف الأزمة المالية العالمية.
وسوف يتأثر التبادل التجاري بسبب تراجع الإنتاج وعرقلة الإمداد وضعف  الطلب العالمي، بما في ذلك الطلب على الطاقة، والترابط المالي الذى ظهر في تأثره من خلال أسوأ أداء منذ اندلاع الأزمة المالية العالية عام 2008، حيث أن شعور المستثمرين باتجاهات تأثير الفيروس على الاقتصاد العالمي وفر لهم قناعات سلبية تجاه الاوضاع الاقتصادية، ايضا تأثر قطاع  السياحة والنقل، إذ انخفض معدل الرحلات، وأغلق العديد من المطارات حول العالم. إن الاعاقة التي حدثت للنشاط الاقتصادي العالمى، وتكاليف التصدي والاحتواء لفيروس كورونا، وهناك نقطة بالغة الاهمية تعتمد عليها الاسواق العالمية وهي عاملي الثقة واليقين؛ ايضا هناك دعما ماليا ضخما للاقتصاد في ألمانيا والولايات المتحدة الامريكية وسنغافورة، و منطقة اليورو التى خصصت حوالى750 مليار يورو، من خلال ضخ سيولة كبيرة لإنقاذ القطاعي المالي ودعم الاقتصاد؛ وقطعا سوف تزيد قائمة الدول التى سوف تقدم دعم لاقتصادها بعد ان يتضح أثر فيروس كورونا على مجمل اقتصادياتها.
 لقد اصاب الفيروس الاقتصاد العالمي بالشلل، وهناك توقعات بتراجع النمو في الصين وحدوث انكماش في اليابان وركود في فرنسا، وإغلاقا للمناطق الصناعية في شمال إيطاليا، وخفضا طارئا لأسعار الفائدة إلى حدود الصفر في بريطانيا وأميركا، وبحسب منظمة التعاون ف أن الاقتصاد العالمي مقبل لا محالة على تراجع وانكماشا حادا، والتوقعات الأولية لهذا التراجع  تشير إلى انخفاض في النمو في حدود 0.9-0.5 في المائة  إلى 1.5 في المائة لهذا العام، وقد يصل إلى أدنى مستوى له منذ الأزمة المالية العالمية؛ وأشارت منظمة الأونكتاد إلى أن تباطؤ الاقتصاد العالم سيصل إلى أقل من 2 في المائة لهذا العام ويتوقع ان يكلف نحو تريليون دولار، خلافا لما كان متوقعا في أيلول/سبتمبر الماضي، أي أن العالم على عتبة ركود في الاقتصاد العالمي.بالإضافة  الى ذلك سيشكل أزمة فيروس كورونا وانهيار أسعار النفط بسبب حرب الأسعار بين السعودية وروسيا أثرا سلبيا مزدوج على اقتصاد العالم. 


أثر خفض قيمة الجنيه على النمو الاقتصادي

د. عمر محجوب محمد الحسين https://sudanile.com/%D8%A3%D8%AB%D8%B1-%D8%AE%D9%81%D8%B6-%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%8A%...