السبت، 9 فبراير 2019

هل نجحت قطر في عبور حالة الحصار؟

          كانت المقاطعة الدبلوماسية والحصار الاقتصادي على دولة قطر من الدول التي تربطها بها علاقات جوار وصلات قربى؛ ولكن رغم الإحساس بالمفاجأة والمرارة بهذا الحصار، لم يكن هذا الحصار وبالاً على قطر ولم يشكل لها سوى معرفة نوايا الجيران الحقيقية وماذا يضمرون تجاهها؛ إذ أثبتت نتائج هذا الحصار مدى قدرتها على تخطي الأزمات، ومدى تفوقها وعلو شأنها إعلامياً ودبلوماسياً ومدى قدرتها على ضبط النفس. وأظهرت الأزمة مدى قدرات الكوادر القطرية ومهاراتها في مجابهة كل الظروف، وكان الجيران يحسبون أنها سوف تنهار في سويعات رغم قناعتهم بتفوقها الإعلامي والرياضي وهذا ما دلت عليه مطالباتهم بإيقاف قناة الجزيرة وسحب تنظيم كأس العالم من قطر من خلال حملة مسعورة وعمياء أثارت السخرية؛ لكن فاجأتهم قطر بمستوى الدبلوماسية وحصافة كوادر وزارة الخارجية  ابتداءً من وزير الخارجية ومندوبة قطر لدى الامم المتحدة ومندوبها لدى الجامعة العربية، واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، انتهاءً بشعبها وتعاطيه مع الأزمة وتعامله من خلال وسائل التواصل الإلكتروني مع ما يعرف بالذباب الالكتروني.
          فدول الحصار حاولت الإضرار بالشعب القطري والمقيمين داخل الدولة من خلال منع إمدادات الغذاء والمواد التموينية والدواء التي كانت تأتي من هذه الدول؛ ولم تتأخر ردة الفعل الإيجابية ففي اليوم التالي للحصار أطلقت وزارة الاقتصاد والتجارة القطرية حملة (معاً لدعم المنتجات الوطنية ) وما كان لها أن تنجح لولا إدراك الشعب القطري والمقيمين لحجم الظلم الذي حدث، وحبهم ووقوفهم خلف قيادتهم الشابة الواعية؛ فمن خلال هذه الحملة تم وضع ملصقات على كافة المنتجات الوطنية تحمل شعار (منتج وطني) وبهذه الحملة عرفنا أن هناك منتجات قطرية كان يحسبها الناس أنها ليست منتجات قطرية، وبذلك التفت الناس إلى المنتجات الوطنية ودعمها دعماً منقطع النظير نتيجةً حتميةً لظلم الحصار؛ ورغم أنه في تلك الأيام التالية للحصار كانت هناك منتجات من دول الحصار لا زالت على رفوف المحال التجارية ولم يكن هناك تعامل بردود الأفعال من الدوائر المختصة بدولة قطر بإصدار أوامر للمحال للتخلص من هذه المنتجات، أو حملة لتوجيه الناس بعدم شراء هذه المنتجات الخاصة بدول الحصار؛ وهذا يدل على مدى حكمة القائمين على الأمر ومدى قدرتهم على التعامل مع الأوضاع  الطارئة دون رد فعل يعمى البصيرة.
          ونذكر هنا أن قطر أدركت منذ أمد طويل أن المال فقط لن يحقق المشروعات الرأسمالية؛ لذلك نجدها منذ أن وضعت رؤيتها، كان هدفها هو خلق اقتصاد معرفي متنوع أساسه التعليم، يخدمها خدمة مستدامة دون التركيز على المال في المقام الأول؛ ولا شك أن هذا الاتجاه حفزه الحصار الذي أتاح لقطر فرصة ثمينة لاكتشاف القدرات الإدارية والتنظيمية والاقتصادية الكامنة لدى قياداتها، وهذا يعنى تمكن الدولة من التحصن ضد الأزمات؛ واتضح أيضاً مدى وحجم الفجوة في التفكير العقلاني بينها ودول الحصار. واللافت أن قطر لم تتقوقع وتنغلق على نفسها أبان الأزمة لكن استمرت رعايتها لمشاكل الدول الأخرى، وكذلك لم تنقطع مساهماتها الإقليمية والدولية.           
          إن الحصار الظالم الذى فرضته دول الحصار كان له أثر إيجابي على الاقتصاد القطري من عدة جوانب لا يخطئها المتابع، حيث نجحت قطر وفى غضون بضعة أيام فقط من فرض الحصار في ابتكار واكتشاف طرق تجارية بديلة ومباشرة مع عدد من مناطق الانتاج الاستراتيجية البديلة في جميع أنحاء العالم، مستفيدة من معبرها الجوي المتميز (مطار حمد الدولي) الذي يعد من أفضل المطارات حول العالم لضمان استمرار حركة الطيران واستقبال البضائع بوتيرة طبيعية لأكثر من 150 وجهة حول العالم عبر الخطوط الجوية القطرية. نعم لقد كان الحصار فرصة وليس أزمة اقتصادية؛ فرصة للسير بثقة واكتشاف لروح الإرادة والعزيمة، وها هي مشاريع تنظيم كأس العالم لم تتوقف، وها هي الموضوعات المتعلقة بحقوق الانسان تستمر.
          كان الحصار من الناحية الاقتصادية فرصة لرجال الأعمال والمستثمرين في مختلف الأنشطة الاقتصادية، كما كان فرصة ثمينة لاكتشاف أسواق جديدة ومنتجات أفضل، وإنشاء مشروعات قوية كسرت الحصار وفي وقت وجيز كمشروع بلدنا للألبان على سبيل المثال لا الحصر، وكانت هذه المشروعات والمبادرات تحت رعاية غرفة تجارة وصناعة قطر التي تميز أداؤها منذ بداية الحصار بالفعالية من خلال إتاحة الفرص الواعدة للمنتجين ورجال الأعمال؛ كما نشط بنك التنمية الصناعية من خلال تقديم فرص خصصت للزراعة المنزلية، وهو برنامج هدفه نشر ثقافة الزراعة لدى المواطن القطري باعتبارها خطوة لتعزيز الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية.

          هذا الثبات والصلابة لم تكن في المجال الاقتصادي فقط، بل كانت في المجال الثقافي والسياسي والرياضي، ولم تتوقف أية فعالية ثقافية أو سياسية أو رياضية، بل استمر العطاء باقتدار لأن الأهداف سامية والروح عالية، والحراك ليس عشوائياً. وها هو منتخب قطر الوطني يتربع على أعلى قمة كروية لآسيا بإحرازه لبطولة كأس اسيا 2019م؛ وهذه البطولة المستحقة لم تكن صدفة بل نتيجة عمل دؤوب وجهد وتخطيط سليم، ويأتي إحراز البطولة بالعلامة الكاملة رغم الظروف السياسية المحيطة، والضغوط التي تعرض لها لاعبو المنتخب والتي من بينها حرمانهم من تشجيع جمهورهم.   

          لقد كان الحصار رغم ظلمه ليس أزمة بالنسبة لقطر، إذ مثل فرصة واعدة أتاحت إمكانية تحديد مواطن القوة وتعزيزها، ومعالجة أوجه القصور بما يضمن المحافظة على مرونة الاقتصاد القطري والنمو المستدام لمواجهة مختلف التحديات الاقتصادية الإقليمية والعالمية؛ وعليه فقد ومثل الحصار بداية خطوات السير بثقة أكبر وبلور مهارة اكتشاف مدى قوة روح الابتكار والإرادة لدى القطريين الذين تقف وراءهم قيادة شابة حكيمة وواعية، وظهر ذلك من خلال الدبلوماسية، والقدرة الإعلامية الراشدة، والقوة الاقتصادية، والابداع والابتكار حتى في ظل الحصار؛ فرب ضارة نافعة.

السبت، 2 فبراير 2019

أثر وخطورة الدين العام على الاقتصاد

          الدين العام هو حجم ديون الدولة المستحقة للمقرضين الداخليين والخارجيين الواجب سدادها، والدين الخارجي يتمثل في المبالغ المستحق لصالح الحكومات أو المؤسسات الدولية والقطاع الخاص الخارجي. ولأسعار فائدة هذه القروض تأثير كبير على الديون الخارجية والدين الخاص. فإذا ارتفعت أسعار الفائدة على الدين العام ارتفعت اسعار الفائدة بدورها على الدين الخاص، وبالتالي على مجمل الوضع الاقتصادي لأي دولة. لذلك تسعى المنظمات المانحة الى جعل ديون الحكومات في نطاق معقول؛ ويتم قياس درجة المخاطر في اي اقتصاد من خلال مقارنة الدين العام منسوبا الى الناتج المحلي الاجمالي، لذلك نجد ان الناتج المحلي الإجمالي يعتبر مؤشراً مهماً لمدى قوة الاقتصاد وقدرته على مواجهة الصدمات، ومدى قدرة الدولة على سداد ديونها؛ ومؤشراً لوضعها وتصنيفها الائتماني. ويعتبر الدين العام المحلى والخارجي خطيراً بالنسبة الى الدول النامية اذا تخطى الحد الادنى المسموح به، وحد الامان المسموح به في حدود 60 في المائة بالنسبة للدول النامية؛ و90 في المائة للدول المتقدمة؛ ايضا يمكن قياس المخاطر بمقارنة معدل نمو الناتج المحلى ومعدل نمو الدين العام؛ ووضع الأمان يكون بتساوي المعدلين.
في السودان الدين الخارجي يبلغ 54.8 مليار دولار في عام 2017م وتخطى المؤشرات الارشادية ووصل الى ما نسبته 166في المائة من إجمالي الناتج المحلى؛ متأخر منها عن السداد ما نسبة 85 في المائة؛ ويبلغ حجم الدين العام حوالى 116 في المائة من إجمالي الناتج المحلى أي زيادة عن الحد المسموح به بحوالي 56 في المائة، علماً بأن فوائد هذه الديون تبلغ 49 في المائة من اصل الدين. وحجم هذا الدين العام لاشك احد اهم المؤثرات على الحالة الاقتصادية المتردية في السودان؛ حيث أثر على الوضع الائتماني للسودان الذى تصنفه أهم ثلاثة وكالات عالمية للتصنيف الائتماني عند مستوى (CCC) ويعني هذا المستوى احتمال عالٍ لعدم السداد(مخاطرة عالية جدا). وتنبع أهمية هذا التصنيف الذى يصدر عن هذه الوكالات في أنه يؤثر بشكل مباشر على القدرة في الحصول على القروض من المؤسسات الدولية والمقرضين، وعلى البنوك والمؤسسات المالية المحلية سواء لأغراض الاسواق المحلية أو الدولية، فكلما ارتفع التصنيف الائتماني قلت مخاطر عدم السداد، واذا انخفض التصنيف زادت مخاطر السداد. أيضا التصنيف الائتماني للشركات داخل بورصات العالمية يكمن في تأثيره المباشرة على سعر اسهم تلك الشركات وبالتالي وضعها المالي حيث ان المستثمرين يحجمون عن شراء اسهم الشركة اذا انخفض تصنيفها الائتماني، والعكس صحيح.
          من ناحية اخرى نجد ان خدمة الديون سيحول النفقات العامة من القطاعات الاجتماعية للصحة والتعليم، وربما من الاستثمار العام. لذلك نجد ان تأثير الديون له آثار سالبة على القطاع الاجتماعي وبشكل قوي ومباشر خاصة وان هذا القطاع يمثل أكبر استجابة للناحية المالية بين جميع المتغيرات التفسيرية الأخرى لقياس المساعدات الخارجية، ويأتي ذلك بسبب تخلى الحكومة عن دورها في القطاع العام وتبنى احدى منظومات العولمة المتمثلة في الخصخصة؛ وتخلى الدولة عن القطاع العام لاشك انه تخلى عن مهمتها الاجتماعية، ومن أهم الآثار الاجتماعية للدين الخارجي تحديداً هو أثره على سوق العمل والتشغيل على اعتبار أن الكسب من العمل يمثل المصدر الرئيسي لدخل غالبية افراد المجتمع؛ وأن حرمانها من هذا الدخل ينتج عنه زيادة البطالة بأنواعها وظهر هذا جليا بعد بيع مؤسسات القطاع العام وتصفيتها، وتبع ذلك تفاقم حدة الفقر؛ أيضا احدث ذلك المزيد من الاختلالات في توزيع الدخل واتساع الهوة بين طبقات المجتمع  التي احدثتها الهرولة الى الخصخصة والفساد المالي والمؤسسي.
          ولا تعكس الزيادة في الدين العام وحجمه فقط زيادة الاقتراض؛ لكن ايضاً تعتبر مؤشراً واضحاً على تباطؤ الانتاج نتيجة لتطبيق سياسات انكماشية تتضمنها برامج المؤسسات الدولية الدائنة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ونادي باريس ونادي لندن؛ خاصة في المراحل الأولى لهذه الديون, مما ادى إلى خفض الطلب المحلي وزاد من حدة الركود الاقتصادي الذي ادي بدوره إلى تراجع الطلب على العمل تبعه اتجاه تصاعدي للبطالة. واصبحت خدمة الدين تلتهم جزءاً مقدراً من حصيلة الصادرات من السلع والخدمات وهذا يفسر عجز الموازنة المفرط والمتصاعد. ولا شك أن هذا الوضع شكل مكابح لخطط التنمية المستقبلية، نظرا لابتلاع خدمة الدين الخارجي النقد الأجنبي. ويمكن تشخيص آثار المديونية الخارجية على الخطط الإنمائية من خلال تحليل آثارها على الادخار المحلي والقدرة الاستيرادية، وعلى سعر صرف الجنيه وتدهوره المستمر وبصورة كبيره من حيث الزمن والقيمة، ومعدلات التضخم التي وصلت الى 64 في المائة، وهناك استحالة وشك كبير في قدرة الحكومة وفي ظل سياساتها على خفضه الى 27 في المائة كأحد أهداف موازنة 2019م.
          ايضا اعتماد السودان على القروض الخارجية أدى إلى تزايد معدلات التضخم الكبيرة, لما تشكله هذه القروض والمديونية المترتبة وخدمة هذه الديون من ضغط على القدرة التنافسية لصادرات السودان، وادي تخفيض قيمة الجنيه نتيجة للاستجابة لضغوط الدائنين إلى تدهور القيم الحقيقية للمدخرات مما اضطر العديد من الشركات إلى إيداع أموالها خارج السودان واتجاه المواطنين نحو تحويل اموالهم الى الدولار خوفا من تآكلها وهذا لا شك شكل ضغطاً على طلب الدولار، ويعتبر هذا الوضع ايضا احد اسباب هروب رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج، واحجام المستثمرين عن الاستثمار في السودان.
          لا شك أن رؤوس الأموال الأجنبية إذا ما استغلت استغلالا اقتصاديا جيدا في مشاريع التنمية والصناعة سوف تؤدي إلى زيادة الناتج القومي وارتفاع مستويات الدخل وبالتالي ارتفاع معدلات الادخار وذلك نتيجة لسد النقص في الموارد المالية اللازمة لتمويل المشاريع الاستثمارية التنموية؛ اما اذا استغلت هذه الاموال في الاستهلاك والانفاق الجاري وسد عجز الموازنة والاستيراد غير المرشد فلن نجنى سوى مزيدا ً من العجز الاقتصادي والاضطراب السياسي.

السبت، 27 أكتوبر 2018

قطر تميز اقتصادي ومؤسساتي

          قد يظن البعض ان تميز دولة قطر الاقتصادي حدث بفعل انتاج الغاز والبترول فقط، لكن قطر لديها تميز مؤسسي وذكاء اقتصادي، وتمتلك كفاءات اقتصادية وادارية ومالية استطاعت خلال ثلاثة عشر عاماً أن تجعل الاقتصاد القطري في مقدمة اقتصاديات دول المنطقة، وتجعله لا يتأثر بتقلبات اسعار الطاقة أو أي حصار القصد منه الاضرار بها كما يحدث حالياً؛ وتجعل دخل الفرد القطري الأعلى في العالم حسب تصنيف مجموعة البنك الدولي للعام 2019م؛ واستند تصنيف البنك الدولي على تأثر نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي ومستوى النمو الاقتصادي المسجل إضافة إلى معدلات التضخم وسعر صرف الريال القطري ومؤشرات التركيبة السكانية. وكان اهم مؤشرات الذكاء الاقتصادي الاهتمام بعملية الرصد سواءً للمحيط الإقليمي او الدولي في محاوره التنافسية، والتكنولوجية، والتجارية؛ بالإضافة الي اليقظة الاقتصادية.
          فمنذ عام 2005م أنشأت دولة قطر صندوقاً سيادياً للثروة وهو جهاز قطر للاستثمار الذى يراسه سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني امير دولة قطر، وهو صندوق تم انشاؤه للاستثمار المحلي والعالمي من خلال ادارة اموال النفط والغاز الطبيعي وادارة مخاطر الاعتماد فقط على اسعار الطاقة وتقلباتها، من خلال معالجة المعلومات المفيدة للشركاء الاقتصاديين لصياغة استراتيجياتهم المالية؛ ومن خلال الفائض السنوي من موازنتها، حيث أن من مهام الجهاز دعم تطوير تنافسية الاقتصاد القطري، وتسهيل التنوع الاقتصاد وتطوير المهارات المحلية، من خلال رؤية طموحة بأن يكون من بين أوائل المؤسسات الاستثمارية، وضمن رؤيته يسعى إلى أن يكون الشريك الأفضل لاختيارات المستثمرين والممولين الدوليين ووجهتهم. منذ تاريخ انشاء صندوق قطر السيادي استطاع جهاز قطر للاستثمار تعزيز استثمارات قطر في الاسواق العالمية في أوروبا والولايات المتحدة الامريكية ودول الآسيوية والمحيط الهادي، وابرز هذا الجهاز قدرات فائقة في تنويع الاستثمارات بصورة مكنت قطر من ترسيخ استثماراتها حول العالم بفهم وادراك كبيرين لأهداف الجهاز ومخاطر الاعتماد على اسعار الطاقة وموارد النفط والغاز، حيث تمكن فائض رأس المال القطري اجراء العديد من الصفقات والاستحواذ على العديد من المشاريع الاستثمارية في الاسواق الدولية، وبلغ حجم الصفقات والاستحواذ، التي أبرمها جهاز قطر للاستثمار وشركات القطاع العام والخاص مليارات الدولارات موزعة على مختلف دول العالم. وحسب تقرير في ديسمبر 2017م، واستنادًا على أصول صناديق الثروة السيادية العربية المدرجة في تقرير (SWF Institute) المتخصص في دراسة ورصد استثمارات الحكومات والصناديق السيادية العالمية، احتلت قطر المرتبة العاشرة عالمياً من 78 صندوقاً سيادياً يشملها ويرصدها التقرير حيث تقدر اصول جهاز قطر للاستثمار 335 مليار دولار امريكي.
          ومن اهم استثمارات الجهاز محلياً استثماره في بورصة الدوحة حيث يعتبر اكبر مستثمر، ويمتلك حصة كبيرة في بنك قطر الوطني الذى يعتبر من اكبر البنوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمؤسسة المالية الرائدة في دولة قطر،  وشركة اوريدو للاتصالات التي تنتشر وتعمل في اثني عشر دولة حول العالم، ويمتلك الجهاز الخطوط الجوية القطرية ونادي الغرافة. وفي اوروبا يمتلك الجهاز حوالي 6 في المائة من شركة الفضاء الأوروبية العملاقة (ايرباص)، و15.1 في المائة من أسهم سوق لندن للأوراق المالية، و17 في المائة من مجموعة فولكسفاغن وحصة في شركة بورش، كما يعتبر جهاز قطر للاستثمار أحد المساهمين في مجموعة لاغاردار بنسبة 12.83 في المائة. واستحوذ على نادي باريس سان جيرمان لكرة القدم. واشترى الجهاز 100 في المائة من رأس مال نادي باريس سان جيرمان لكرة اليد. ايضا امتلك في فرنسا مجموعة من الفنادق وهي فندق لومبار، فندق كينسكي، فندق لاندولفو كاركانو، فندق إفرو، فندق ماجيستيك، فندق غراي دالبيون، فندق كواسلان، وكذلك في شارع الشانزليزيه باريس يمتلك الجهاز أبنية ومقار كل من فيرجن ميغا ستور، اتش اس بي سي، ليدو، رويال مونسو، وبينانسولا، واستحوذ على لويس فويتون الفرنسية المتخصصة في المنتجات الجلدية والملابس الجاهزة والأحذية والساعات والمجوهرات، بالإضافة إلى حصة مقدرة في شركة توتال الفرنسية المشهورة. ويقدر كذلك مجموع استثمارات الجهاز في بريطانيا بحوالي 45 مليار دولار، ومن هذه الاستثمارات ناطحة السحاب شارد في لندن وحصص في شركة رويال داتش شل للطاقة وشركة سينسبري لتجارة التجزئة، ولديه حصص مقدرة في  فندق سافوي بالعاصمة لندن، وكذلك فندق انتركونتيننتال الفاخر الواقع في منطقة بارك لين، بالإضافة إلى متجر هارودز وبرج بنك أتش أس بي سي، ويمتلك 9 في المائة من شركة غلينكور البريطانية السويسرية لتجارة السلع الأولية والتعدين، كما يمتلك أكثر من 6 في المائة من أسهم بنك باركليز، و22 في المائة من شركة سينسبري. وفي ايطاليا استحوذ على بيت الأزياء الإيطالي الشهير فالنتينو الذي يعتبر من أكبر بيوت الأزياء حول العالم. وفي الولايات المتحدة وضع خططا لاستثمار 35 مليار دولار بحلول عام 2020م، ويعتبر الجهاز رابع أكبر مستثمر في المباني الإدارية بالولايات المتحدة، وتبلغ مشروعاته في نيويورك نحو 8.6 مليارات دولار، واستحوذ على شركة ميراماكس السينمائية الأميركية. وفي أميركا اللاتينية استحوذ على أكبر شركة طيران في صفقة بلغت 613 مليون دولار، وفي روسيا تمتلك قطر في شركة روسنفت الحكومية العملاقة لإنتاج النفط حصة تمثل 9.75 في المائة تقدر قيمتها بحوالي 6.8 مليار دولار؛ ولدى الجهاز استثمارات في اسيا وفي أكبر بنوك الصين، وفي تركيا.
          ووفقاً لصندوق النقد الدولي بلغ حجم الاقتصاد القطري حوالى 170 مليار دولار وانه لا يعتمد على قطاع الطاقة فقط، فهناك قطاعات غير النفطية تشكل حوالي 61 في المائة من الحجم الكلي للاقتصاد القطري؛ وهذا ما مكن دولة قطر من تجاوز تبعات الحصار الظالم التي تعرضت له وفوتت الفرصة على المحاصرين للإضرار بها؛ وهذا نتيجة إدماج المعارف العلمية والتقنية والاقتصادية والقانونية والجيوسياسية.

الخميس، 18 أكتوبر 2018

نحو الاندماج المصرفي

          في ظل الظروف الاقتصادية المتردية وحجم التعثر المصرفي وفقدان ثقة الناس في الجهاز المصرفي والبنوك في الفترة الاخيرة على المستوى المحلي؛ واشتداد المنافسة منذ بداية حقبة العولمة، وتنوع المخاطر، وضغوط العمل المصرفي ومتطلباته لتطبيق التقنيات الحديثة لمواكبة هذه العولمة وافرازاتها وحتمية البحث في انتاج خدمات ومنتجات مصرفية جديدة تواكب الظروف الاقتصادية للسودان وتكنولوجيا المعلومات، واستيفاء متطلبات لجنة بازل للرقابة المصرفية؛ كان على البنوك السودانية وسوق العمل المصرفي التفكير والانفتاح نحو الاصلاح والاندماج لمواكبة اتجاهات الاندماج الدولية حيث أننا نعاني من ضعف الوحدات المصرفية وصغرها. وفي البداية لابد أن نفرق بين الدمج المصرفي من خلال تدخل الحكومة والاندماج الوديّ، حيث أننا نقصد الاندماج المصرفي الوديّ الذي يؤدى الي اتحاد مصرفين أو اكثر وذوبانهما في كيان مصرفي واحد بحيث تتحقق اهداف لا يمكن تحقيقيها بالعمل بانفراد، وبناء وزيادة ثقة العملاء والمتعاملين في قدرات البنوك المندمجة، وتحقيق وضع تنافسي افضل بزيادة قدرات الكيان الجديد بتجميع الموارد وبالتالي قدرته على المنافسة وتحقيق عائد يديم القدرة التنافسية. ويمكن ان يكون الاندماج لبنوك تعمل في نفس النشاط أو انشطة مختلفة.
          يحتاج النظام المصرفي السوداني الي كيانات جديدة مندمجة حيث يغلب الكم دون الكيف في هذه الكيانات، وحسب احصاءات عام 2008م نجد أن الكثافة المصرفية في السودان 69.70 لكل الف نسمة لكل فرع مصرفي، بينما الجزائر26.20 لكل الف نسمة لكل فرع مصرفي، السعودية  18.40 لكل الف نسمة لكل فرع مصرفي؛ حيث يعمل في السودان حوالى 37 بنكاً في ظل اقتصاد معدل الناتج المحلي الإجمالي فيه حوالى 97.16 مليار دولار،  بينما الجزائر فيها 22 بنكاً ومعدل الناتج المحلي الإجمالي حوالى 142.158 مليار دولار، والمملكة العربية السعودية بها 12 بنكاً ومعدل الناتج المحلي الإجمالي حوالى 646.4 مليار دولار، والسودان يحتل المرتبة 149 من 189 في دليل سهولة ممارسة أنشطة الاعمال التجارية بينما الجزائر في المرتبة 153 من 189، والسعودية في لمرتبة 26 من 189، وذلك حسب احصاءات 2014-2016م.كما أن بنوك السودان لا يوجد منها أي بنك ضمن المائة بنك عربي حتى الربع الاول من عام 2017م وهذا الوضع مستمر حتى الآن، اما على المستوى الافريقي بحسب رأس المال الأساسي احصاءات عام 2015م كان هناك فقط بنك الخرطوم وبنك ام درمان الوطني وكان ترتيبهما على التوالي 92/99 من مائة بنك افريقي.
          إن مواجهة التحديات الاقتصادية الكبيرة والمعضلات الاقتصادية على المستوى المحلي وخلق قدرة للتعامل والتعاطي مع التكتلات الاقتصادية العملاقة كالاتحاد الأوربي، واتحاد دول شمال امريكا للتجارة الحرة (النافتا)، والتكتل الأسيوي الباسيفيكي الاقتصادي (APEC) ، والتكتل المتوسطي بين الدول الاوربية المطلة على البحر الابيض المتوسط يضاف الى ذلك منطقة التجارة العالميةW.T.O ، هذه الظروف تجعل من غير المنطقي الاحتفاظ بوحدات مصرفية صغيرة تكاد لا تخدم حتى متطلبات الاقتصاد المحلي وإن فعلت ذلك يكون بصعوبة كبيرة؛ كما لا تستطيع القيام بالخدمات المصرفية العالمية التي تتطلبها التجارة الدولية؛ كما أن العولمة وتقنياتها المذهلة والسريعة التغير التي مرت بها الصناعة المصرفية العالمية تجعل من الضروري ان يكون هناك وحدات مصرفية ذات امكانيات وموارد مالية ضخمة في امكانها الاستثمار في تلك التقنيات حتى تستطع مواكبة اخر تطورات تكنولوجيا العمل المصرفي وهو الامر الذى يتطلب قدرات هائلة لن تتحقق لبنك بمفرده وخاصة في افريقيا ومعظم الدول العربية التي لا تزال رؤوس اموال البنوك فيها صغير او متوسط.
          التدهور الاقتصادي الحادث حالياً أو ربما يحدث على فترات مختلفة حتى لو كنا في سراء، هذا التدهور أو الازمات الاقتصادية العالمية في بعض الاحيان يجعل البنوك تواجه مشاكل كبيرة يستعصى على البنوك ذات الموارد المالية المحدودة؛ نظرا لحجمها الصغير مقارنة بالبنوك العملاقة التي نشأت من اندماج، هذه المشاكل الاقتصادية والازمات المالية من المنطقي أن تدفع البنوك الصغيرة الى التفكير في الاندماج لخلق قدرات رأسمالية كبيرة تمكنها من مجابهة التدهور الاقتصادية والازمات المالية، والآن وليس سراً ان بعض البنوك تواجه وسوف تواجه المزيد من الاوضاع المالية الصعبة التي ربما تؤدى بها الي حدود الافلاس بسبب التعثر، وعدم قدرتـها على مجابهة حركة السحوبات التي حدثت مؤخراً وهروب السيولة من البنوك بسبب سياسات بنك السودان المركزي، ايضا هروب رؤوس الاموال المحلية الى دول الجوار للاستثمار، وهروب الاستثمارات الاجنبية بسبب تدهور سعر الجنيه امام العملات الاجنبية؛ لكن لو اندمجت البنوك في كيانات اكبر حجماً  لشكلت كيانات كبيره قادرة على مواجهة الازمات.
          ومن اهم ايجابيات الاندماج انه يحقق ما يعرف باقتصاديات الحجم الكبير الذى به تنخفض النفقات بازدياد الانتاج وانخفاض تكلفة الوحدة، كما يتوفر بالاندماج قدرات تحقق طفرة في مجال التقنيات والتكنولوجيا الحديثة مما يسهل عملية التعاطي مع المنظومة المصرفية الدولية وأنظمة التجارة الالكترونية، من جانب آخر سوف تزداد قدرة البنوك المندمجة على تكوين احتياطيات تدعم المركز المالي للكيان الجديد وتحقيق الملاءة المصرفية (معيار كفاية رأس المال الخاص بلجنة بازل)، وترفع من قدرته على مواجهة الأزمات الطارئة، أيضاً يساعد الاندماج البنوك على دخول الاسواق العالمية بشكل قوي يمكنها من المنافسة والاستمرار، كما انه يساعدها في التوسع الإقليمي والدولي من خلال انشاء شبكة من الفروع الخارجية مما يساعد البنك على ربط العديد من اقتصاديات الدول مع مركزه الرئيسي وبالتالي مع اقتصاد السودان ككل، ايضاً من الايجابيات انشاء قاعدة من الموارد البشرية ذات الكفاءة القادرة على الابداع.
          نعم للاندماج سلبيات في مجالات محدودة في مجال التوظيف والكفاءات لكنها لا ترقى لمستوى الفوائد التي سوف تتحقق منه؛  فهل يتم التفكير ملياً في إحداث اندماج مصرفي للاستفادة من مزاياه ؟.

الثلاثاء، 7 أغسطس 2018

جودة التعليم والتنمية البشرية

          لا شك أن التعليم ثروة بالنسبة لكل مجتمع أو دولة لأنه يُعنى بالموارد البشرية، حيث يمثل التعليم منظومة راس المال الفكري والاجتماعي والثقافي. أيضاً ترتبط سياسات التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة بالتعليم وجودته من خلال الاهتمام بالفرد، ونذكر هنا ما قاله سيمون كوزنتز بأن العامل البشري يعد من أهم العوامل في تكوين راس المال في المجتمع، والأمم المتحدة صدقت على سبعة عشر هدفاً من أهداف التنمية المستدامة لتكون بمثابة نقاط مرجعية لكل الدول لضمان الرفاه للفرد وحماية كوكبنا والقضاء على الفقر؛ وركز الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة على التعليم وكانت المرة الأولى التي يوضع فيها التعليم كهدف مستقل، ايضاً تحدث البند الرابع عن جودة التعليم لضمان تعليم جيد وشامل ومنصف مع تقرير التعليم مدى الحياة. ولا شك أن الأمم المتحدة عندما ركزت على التعليم الجيد ودعت اليه لم تقصد أية نوع من التعليم يمكن الوصول اليه كأن يكون الجميع يقرؤون ويكتبون ويعرفون الحساب، لكن الهدف أن يكون التعليم في التنمية المستدامة ليس مجرد تلقين محتوى ينحصر في القراءة والكتابة وانما تعليم يساعد الجميع منذ الطفولة على اكتشاف ملكاتهم الكامنة ومستوى ادراكهم بما يمكنهم من الدخول الى المجتمع كمواطنين منتجين ومبدعين مستعدون الى قيادة المستقبل، وبذلك تكتمل العملية التعليمية وتأخذ دورها الكامل في مساعدة المجتمعات في النهوض، واقامة مجتمعاً اكثر عدلاً وتسامحاً وابداعاً وابتكاراً؛ لذلك يجب أن تكون مسائلة المعلم معيارها التي ترتكز عليه التقييم المرتبط بالإنجاز الاكاديمي للطلاب ولا نعنى هنا فقط مستوى الدرجات ولكن نعنى درجة التقدم في مستوى كل طالب.
          إن معنى التعليم الجيد هو التنمية السليمة التدريجية التي تعلم الطالب كيف يصبح عضواً نشطاً وفعالاً داخل مجتمعه، واحصاءات وقياسات حول درجات الاختبار وعدد الكلمات المحفوظة او التي يستطيع قراءتها تعتبر قياسات سطحية تضر الطالب والعملية التعليمية. وبحسب منظمة الاشراف وتطوير المناهج (ASCD) وهيئة التعليم الدولي  (EI)أن التعليم الجيد هو الذى يركز على الطالب بصورة متكاملة من خلال تطوره الاجتماعي والعاطفي والبدني والادراكي والحسي وليس فقط نتيجة الاختبار. لذلك نجد ان قضية التعليم وجودته يجب الاهتمام بها من خلال جميع مراحل التعليم حيث انه مصدر الطاقة البشرية التي تسهم في التنمية الاجتماعية والبشرية. إن التنمية البشرية تعتبرها الأمم المتحدة من خلال المجلس الاقتصادي بأنها عملية تنمية مهارات ومعارف وقدرات افراد المجتمعات ومركز تحقق هذه الخصائص هو النظام التربوي والتعليمي، وكلما تحققت هذه الخصائص ارتفع مستوى التنمية البشرية وبالتالي التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهناك دراسات عديدة عن العلاقة بين نوعية التعليم ومؤشرات التنمية حيث بحثت هذه الدراسات الفروق الدولية في نوعية التعليم وعوامله وأثرها على نمو المكاسب الاقتصادية خلال 10 الي 20 سنة، واثبتت الدراسات وجود علاقة قوية بين جودة التعليم والتنمية ومكاسبها الاقتصادية.
          لابد أن يوفر للتعليم موارد تضمن توفر الصحة ومقوماتها والبيئة الآمنة التي تحفظ الطالب جسدياً ونفسياً، أيضاً يتم دعم التعليم من خلال ثلاثة ركائز هي ضمان وصول المعلمين الي الجودة، وتوفير ادوات التعليم الجيد، والتطوير المهني، واقامة بيئة تعليم آمنه ومساندة تتميز بالجودة. والمتأمل في حال التعليم في السودان اليوم يلحظ أن مخرجات التعليم تنقصها الجودة، حيث كان التوسع على حساب الجودة، واهدار الموارد الشحيحة على توسع افقي؛ والسودان من ضمن الدول التي انفقت من ناحية موارد التعليم والتدريس مع باستثناء الرواتب والاجور فقط 1 في المائة من متوسط الحصة المخصصة للموازنة المقررة للتعليم الابتدائي في مجال الكتب الدراسية ومواد التعليم الاخرى، في حين ان ما يعرف بمبادرة التدخل السريع لتعزيز التعليم الابتدائي، التي وضع اطارها البنك الدولي لعام 2004م قامت بمفهوم أن الدول اذا ارادت الوصول الي مستويات معقولة ومقبولة من الجودة والفعالية فلابد من تخصيص ثلث الانفاق المعتاد على المرحلة الابتدائية، والانفاق العام على التعليم في السودان لا يتعدى 2.22 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، ايضاً كان القضاء على معهد التربية بخت الرضا طامة كبرى وربما كان تدميره بمفهوم أنه لبنة استعمارية، أو للاستفادة من اصوله، ونسى من اتخذوا القرار أهمية دوره، أيضا ربما ظنوا أن التعليم العالي أهم من المراحل التي تسبقه؛ كذلك كان لدخول القطاع الخاص واستثماره في قطاع التعليم اثر كبير على جودة التعليم وضعفه واصبحنا نرى فقط مظاهر احتفالية لا قيمة لها من الناحية الاكاديمية والتربوية حتى في رياض الاطفال، ايضا كان ضعف رقابة الوزارة اثر كبير على الجودة، وهجرة الكوادر المؤهلة، وضعف تأهيل المعلمين؛ ونذكر هنا أن الدراسة عن بعد التي ابتدعتها بعض الجامعات من أجل تحصيل ايرادات كان لها اثر بالغ على سمعة التعليم في السودان حيث اتصفت العملية فيها بالمجاملة بغرض تحقيق مكاسب في عدد الطلاب وبالتالي زيادة الايرادات، كما توجد حالات غش واضحة يتحدث عنها الجميع، كما تكتب البحوث عن الطلاب بما لا يحقق الهدف منها، واصبحنا على الالسن حالنا وحال بعض الدول التي تباع فيها الشهادات الجامعية، ونذكر هنا أن دولة قطر اصبحت لا تعترف بشهادات الجامعات السودانية، واعتمدت 56 جامعة للدراسة عن بعد ليس من بينها اي جامعة سودانية.    
          اذا ثورة التعليم العالي لم تكن ثورة نحو الجودة وتنمية الموارد البشرية بل كانت على حساب الجودة، والكم دون الكيف ولم تفرز الموارد البشرية المأمولة، أيضا ونتيجة لهذه الثورة تم تدمير معهد التربية بخت الرضا. واذا ارادت الحكومة تدارك الوضع عليها تأهيل المعلم والمدارس وتغيير نمط التعليم السائد ليؤهل الانسان القادر على البناء والمساهمة في تكوين وتأهيل الموارد البشرية التي تعتبر رأس الرمح لأى تنمية مستدامة .

أثر خفض قيمة الجنيه على النمو الاقتصادي

د. عمر محجوب محمد الحسين https://sudanile.com/%D8%A3%D8%AB%D8%B1-%D8%AE%D9%81%D8%B6-%D9%82%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%8A%...